الملف الاقتصادي لم يعد في يد الاقتصاديين

إسماعيل بن شهاب البلوشي

عندما نفخر بوطننا عُمان وعندما ننطلق بشموخنا وثقتنا بكل ما فيه كدولة راسخة ضاربة في عُمق التاريخ وتجاربه التي تشربت من عذب الأيام وكدرها.

ونعم إننا جميعاً نعلم أنَّ دوام الحال من المُحال غير أنَّ الثبات والوقوف مع الوطن في العُسر واليُسر هو الدوام الذي تعّول عليه الأمم العريقة في الصمود والمقدرة على تجاوز كل التقلبات والتغيرات.

ونعم أن علينا جميعاً أن نشارك بوجهات النظر التي تعطي تصوراً إيجابياً ومقترحات يُمكن البناء عليها والاستفادة منها بل إن واجبنا أن نرمي بالكلمة الطيبة والتي يجب أن تكون السائدة.

الاقتصاد وكما جربته الأمم على مر الزمن هو ذلك الأساس ودون منازع لكل شيء ودون استثناء غير أني شخصياً أرى أنَّ التعامل استراتيجياً مع الاقتصاد بحاجة إلى مُراجعة بل إلى قرار عاجل وأن يكون هذا الملف في أيدٍ قيادية أكثر مما هي متخصصة في الاقتصاد لأنَّ الأمر ونظراً للأحداث العالمية يجب أن يكون في أعلى مستوى قيادي وإلا فإنَّ ما نقوم به من مُعالجات تماماً مثل البحث عن النقود المعدنية من خلال اجتهاد مُقدّر للوفاء بمهمات مالية كبيرة وذلك لن يحل المشكلة وإذا تمَّ فسيكون مرحلياً فقط والكثير منه تدوير للمال ليس أكثر ولعلي بهذه الوجهات من النظر أترك لمن هم أكثر مني معرفةً وتخصصاً وكذلك لأصحاب القرار أن يستفيدوا منها.

أولاً: نحن جميعاً في المنطقة دول مُقلدة وفي مُعظم الأمور، فبمجرد أن يقوم العالم بنشاط أو يفتح وزارة أو كلية أو حتى مؤسسة معينة فإن اعتقادنا بعمل مشابه هو التطور المنشود دون معرفة المصلحة والخصوصية الوطنية؛ ولذلك فنحن بحاجة فورية لمُراجعة شاملة لكل المؤسسات والشركات والمصالح من خلال حساب اقتصادي دقيق بالأرقام وليس بالحديث الإنشائي على نبدأ من عدد الوزراء واللجان والمسؤولين عن الاقتصاد وهل هذا إيجابي أم هو توزيع لمركزية قيادة الاقتصاد نفسه ومن البنك المركزي هل أن دوائره ومبناه ومن يعمل فيه نحن في عمان بحاجةٍ فعلية وليست كمالية إلى حجمه ونسأل كم من الترليونات من المال يدير هذا البنك وكم دائرة؟ ومن يعمل بها؟ وكم ينفق وماذا يقدم وكذلك غرفة تجارة وصناعة عُمان؟ ماذا تقدم وهل ما توارثناه من خصم مبالغ مالية من كل سجل تجاري يُمكن أن تكون هناك دائرة أو وسيلة تقوم بهذا الدور بشكلٍ أفضل وكذلك المجالس البلدية وأعود إلى نفس السؤال ماذا تقدم وبالأرقام؟! بعد ذلك يتم حصر كل مكان مستأجر وهل ما يتم فيه من نشاط يقدم تماماً ما ينفق عليه مالياً أو على الأقل قريباً مما يصرفه وعلينا أن نعلم جميعاً أن هناك بعضاً من الدوائر الحكومية هي سبب حقيقي لتأخير الإنجاز علاوةً على إنفاق الكثير من الأموال.

إنَّ اجتهاد الوطن المقدر في دمج بعض الوزارات أمر طيب إلا أنَّ الدوائر باقية تماماً وكذلك عندما نستمع إلى تخفيض نسب الإنفاق على مستوى الوزارات بشكل عام كالـ5% مثلاً فإنَّ ذلك وعلى أرض الواقع يمثل كمزرعة تنقص فيها المياه خفضت الري على كل المزروعات دون استثناء ودون معرفة الشجرة المُثمرة من غير المثمرة. فهل نحتاج مثلاً لموارد المياه بعدها المديرية العامة لموارد المياه، لماذا لا تكون كل الصلاحيات والتعليمات والأوامر معروفة من الجهة الأولى وأن هذا المثال يشمل كل الدوائر الحكومية فهل نحن نطلب الكمال في صرف المال في حين نحن بحاجة إلى كل ريال أم هو  تقليد وتأخير وإزدواجية لإطالة الوقت لإنجاز العمل ورؤية المشاريع على أرض الواقع.

قد يقول أحدنا نعم إنَّ ذلك مفيد لإيجاد الوظائف للعماني وأنا من المؤيدين لذلك وإن إعطاء أي مواطن الراتب المناسب في منزله أفضل اقتصادياً من خلق مؤسسة بما لها وما عليها تحت حجة إيجاد الوظائف وإن المترتب على ذلك هو الكثير من الجهد والوقت والمال ولكن هل أن الصحيح كتوجه استراتيجي أن يكون الكمال في جهة والوطن بحاجة إلى كل شيء في جهة أخرى،هنا فكر الصرفة في استخدام المال وبمنظور عام يجب أن نفكر فيه بعمق أن عددنا لم يصل إلى 3 ملايين لذلك يجب أن يكون كل شيء على قياسنا وحاجتنا الفعلية ثم وبمثال آخر توجد مكاتب للسياحة في المحافظات نعم بها رجال ونساء متعطشون لأداء العمل ونكنّ لهم عظيم التقدير غير أنَّ أغلب ما يقومون به هو تحويل المعاملات إلى مسقط نظراً للصلاحيات ووجود المهندسين المختصين، فهل هي خدمة أو تأخير؟!

لقد أعطيت أمثلة وفي تقديري هي ليست أكثر من واحد في المئة مما يُمكن أن تتم دراسته والنظر فيه وإذا كانت هناك نية للدراسة فإنَّ الجهة المعنية التي يمكن أن تقدم الإجابة الواضحة (المُواطن) لأنه يعيش التجربة، الأمر الأهم في الجانب الاقتصادي أن يأخذ القطاع الخاص دوره بأفضل مما هو عليه اليوم وإني لا أعتقد أنَّ امتلاك الغالبية العظمى للتجارة من وافدين أمر مقبول، وإذا كانت الفترة الماضية ولعدم إدراك الجميع بالحاجة فعلينا جميعاً أن نقول كفى!

وكما نجحت بعض القرارات الشجاعة سابقاً مثل تعمين محلات المواد الغذائية فيُمكن وعلى الفور تعمين الكثير جداً من النشاطات وبالتدرج حتى نصل إلى ما هو عادل ومقبول من كل الأطراف وهنا تكمن أموال الوطن في غالبها.

وسيفرز في النهاية مثل هذا القرار تجار لا نتوقعهم وعقول لا نتوقع مستواها وكل ذلك سيُساهم بقوة في التطور الاقتصادي.

الجانب الآخر هو ما يزخر به الوطن مثل البحار والطقس والجوار، وما يملك من جوانب يمكن الاستفادة منها والأهم من كل ذلك هي السياحة والتي كتبت يوماً مقالاً أمنيتي فيه أن أرى مسقط تعج بالسائحين تماماً مثل لندن وموسكو وإنني أقسم لكم بالله إنِّه أسهل ثم أسهل مما يتوقع أي إنسان ذلك ودون دفع ريال واحد من خلال استخدام ما نملك من فرسان وطوابير وتقاليد تاريخية يمكن أن تبرز عمان ومتاحف ومقتنيات يمكن وضعها في بوتقة سياحية ناجحة ذلك أن مسقط تمتلك كل المقومات الكاملة المتكاملة بل وأكثر وأفضل مما لدى الغير وأتمنى أن يوفقني الله في كتابة سلسلة من المقالات التي أذكر دائماً أنني لست الأفضل في تفصيلها غير أني مستنبط الفكرة وهناك من هم قادرون على جعلها أفضل وأود هنا أن أسجل للتاريخ أن بعضاً مما أكتبه سيأتي يوم وسيطبق غير أنه سيتأخر لحين يكون فيه التأثير قاصماً إلى الدرجة التي لاخيار عنها ولا بديل ذلك أنه وللأسف الشديد أن علاجنا لكل الأحداث تمشياً معها وليس استباقاً لها وهنا الحاجة ملحة للعقول والقوانين بعيدة الرؤيا والنظر.

والأهم من كل شيء علينا جميعاً أن نعلم أن كل العالم يمر بصعوبات أكثر مما لدينا بكثير غير أني شخصياً متيقن من أنَّ الوطن بما يملك من كنوز في كل شيء سيتخطى برجاله ونسائه وقيادته الرشيدة الواعية كل عقبة بإذن الله.