التوجيهات السامية

حاتم الطائي

عكست التوجيهات السامية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مدى حرص جلالته على ضمان استدامة التنمية وتجاوز التحديات، التي لم يشهد العالم مثلها في العقود الأخيرة، في ظل ما تسببت فيه جائحة كورونا من تداعيات وتأثيرات عميقة الأثر، أفضت إلى جمود الاقتصاد العالمي، وسقوط كبرى الاقتصادات بين براثن الركود، إلى جانب التراجع الكبير في أسعار النفط منذ اشتعال حرب الأسعار قبل سنوات.

فالتوجيهات السامية بمباركة خطة التوازن المالي على مدى السنوات الخمس المقبلة، تؤكد مدى الحرص السامي على تخطي هذه الأزمة المؤقتة، وفي نفس الوقت إزالة التحديات المزمنة المتمثلة في الاقتصاد المعتمد على سلعة واحدة لا نملك تحديد سعرها وهي النفط، لذلك يتضح من تفاصيل التوجيهات أنها شاملة وتضع حلولا جذرية.

وتتضمن التوجيهات خطوطا محددة تمثل عناوين لمسار مدروس ومخطط له بدقة؛ حيث تضمنت التوجيهات "وضع تحقيق التوازن المالي في أعلى سلم أولويات الحكومة"، وهو ما أصبح من أولى أولويات المواطن العماني، خاصة مع ما تكشف عن الوضع المالي وحجم الدين العام، مع ما حدث من تراجع التصنيف الائتماني للسلطنة، فعندما يعلم المواطن أن تخطي هذه الأزمة أصبحت الآن هي أولى أولويات الحكومة يتبدد القلق الذي ينتابه، كما أن من شأن هذا الإعلان أن يزيد ثقة المتعاملين والمستثمرين سواء محليا أو عالميا.

المؤكد أن كل دولة يمكن أن تتعرض لظروف اقتصادية ضاغطة، والآن نرى كيف أن العالم بأسره أصبح تحت هذا الضغط الكبير، لكن مادامت هناك الخطط والسياسات اللازمة لعبور الأزمة فإن الهدف يتحقق بالسعي المشترك والعزيمة الصادقة، وجاء التوجيه السامي ينص بشكل صريح على "خفض الدين العام" و"تعزيز الاحتياطيات المالية للدولة" ولابد أن عشرات الخطط قد وضعت وأصبحت جاهزة للانطلاق لتنفيذ هذه التوجيهات والتي ترجمت إلى خطط عمل ضمن برنامج التوازن المالي.

كما تشمل التوجيهات السامية "رفع كفاءة الإنفاق الحكومي بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية" يؤكد على العمل الجاد والرؤية المتفائلة بمستقبل مشرق لعمان يبنى على أساس الاستمرار والاستدامة في النمو.

والإعلان عن "تنفيذ مشاريع تنموية بقيمة 371 مليون ريال عماني"، يندرج أيضا ضمن مؤشرات الثقة والطموح؛ إذ إن هذه المشاريع تدخل ضمن حزمة بناء الرؤية المستقبلية "عمان 2040"، التي تتحقق فيها اللامركزية وتتدفق فيها الأعمال في ربوع محافظات السلطنة.

ولعل اللافت في التوجيهات السامية، الاهتمام الواضح بالفئات الأولى بالرعاية؛ حيث جاء التوجيه بـ"الإسراع في بناء نظام وطني متكامل للحماية الاجتماعية" ليطمئن المواطنين أن الإصلاحات الاقتصادية لن تُحدث تبعات مباشرة أو غير مباشرة على هذه الفئة من المجتمع، وهذا برأيي من أبرز عناصر نجاح أية خطط اقتصادية؛ لأن خطط الإصلاح الاقتصادي المتكامل والطموح، يصبح في هذه الحالة أكثر قابلية للمشاركة الاجتماعية والحماس لتنفيذه إذا ما راعى عدم الإضرار بالفئات الاجتماعية الأضعف.

ولذلك.. أدعو إخواتي وأخواتي المواطنين أن يحولوا مشاعر القلق إلى أفعال حماسية للعمل والمشاركة، كي نعبر سويًا التحدي الصعب، ونصل إلى عُمان التي نريدها لأبنائنا والأجيال القادمة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة السلطان.