التحديات الاقتصادية المستقبلية.. وحلولها

خلفان الطوقي

 

التحديات الاقتصادية موجودة في كل وقت، لكن حِدَّتها تختلف من وقت إلى آخر، ربما هذا الوقت يُعتبر الأصعب والأشد ألما بالنسبة للاقتصاد، خاصة مع قُدوم فيروس كورونا واستمراره لأكثر من 7 أشهر، وتوقعات باستمراره لفترة مقبلة؛ لذلك فَمِن المهم أن يتم الاعتراف بأنَّ هناك تحديات اقتصادية حالية وقادمة، وأنْ يتم اقتراح حلول مدروسة شاملة، وضرورة تطبيقها في أسرع وقت ممكن، فكما يقال إنَّ الاعتراف بالمشكلة نصف الحل.

الملفُّ الاقتصاديُّ مُعقَّد ومُتشابك؛ لأنَّ به تجاذبات مُستمرة بين الحكومة والقطاع الخاص من جهة، والحكومة والمواطن من جهة أخرى، والحكومة والمنطمات والاتفاقيات الدولية في أحيان كثيرة؛ فما تَرَاه الحكومة أولوية، يراه القطاع الخاص أو المواطن غير ذلك تماما، والعكس بالعكس.

ففي كل الحالات، لابد من رَصْد وتسمية بعض التحديات الاقتصادية الجوهرية الواضحة والمتوقعة؛ وأهمها: نيَّة وتلميحات الحكومة بفرض ضريبة القيمة المضافة VAT، وملف التعثُّر المالي لكثير من المؤسسات التجارية وتسريح مزيد من الموظفين، وتفاقم ملف الباحثين عن فرص وظيفية، ونقص السيولة في السوق، والتخوُّف من عدم السيطرة على مستويات الدين العام، إضافة لتفرُّعاتها وما تسبِّبه هذه الإشكاليات من آثار فرعية في القطاعات التجارية المختلفة.

أيًّا ما كان هذا الرصد صحيحًا أو غير صحيح، فلابد للحكومة أن تكون متبنية الفكر الإستراتيجي، والمبادرة ببعض الخطوات الاستباقية، وأهم هذه الخطوات ما يلي: الاعتراف بأنَّ هذه الأزمة ظروفها مختلفة وأشد ألما، وبما أنَّ ظروفها مُختلفة؛ فلابد أن تكون الحلول مُبتكرة ونابعة من خارج الصناديق التقليدية؛ لذلك أصبح من الضروري على الحكومة أنْ تَرصُد الملفات الاقتصادية الجوهرية والملحة، والتحرُّك السريع لحلحلتها من خلال إجراءات سريعة ومشتركة من عدة جهات حكومية، وإزالة التداخل والتشابك في المهام والصلاحيات فيما بينهم، وإقرار مُبادرات حكومية مشتركة بين أكثر من جهة حكومية، وإطلاق حِزَم تحفيزية لتنشيط القطاع الخاص تضمن صُموده واستمرارته، وضخ السيولة إلى السوق عبر دفع أي مستحقات متأخرة من الحكومة إلى القطاع الخاص، ومُعالجة ملف المتعثرين ماليًّا، ومنحهم فترات إضافية ما أمكن لمعالجة أوضاعهم المالية، وتأجيل أي حلول ضريبية إلى أن يتحسن الوضع الاقتصادي، وتمر عليه مرحلة الصمود على خير، وإقرار السياسات النقدية التي تشجع القطاع الخاص على ضخ أمواله في السوق بدلا من وضعها كوديعة جامدة.

الملفُّ الاقتصاديُّ يمرُّ بخياريْن؛ إما التحفيز وتحرير السوق التي تُساعد على استمرار القطاع الخاص المحلي والخارجي، وتولِّد نشاطات جديدة محليًّا، وتجذب استثمارات خارجية جديدة، أو تطبيق خيار التضييق التي تُحبط التاجر المحلي وترهقه، وتحوِّل أي استثمارات خارجية إلى دول أخرى غير السلطنة، ونُصبح وجهة طاردة لكل مُستثمر جاد.. يبقى الخيار لنا، وهذا ما ستُثبته الأيام المقبلة في صورة قرارات وإجراءات وممارسات وأرقام.