كتاب جديد للمفكر العالمي الرائد بالشراكة مع الاقتصادي التقدمي روبرت بولين

نعوم تشومسكي يتنبأ بالعواقب الكارثية للتغير المناخي ويطرح "الصفقة الخضراء الجديدة"

◄ تشومسكي يشن هجوما شرسا على "النظام الرأسمالي عديم القلب"

◄ ضرورة الانتقال من النيوليبرالية والفاشية الجديدة إلى عالم أكثر إنسانية ووعيا بقضايا البيئية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يعود المُفكر العالمي الرائد نعوم تشومسكي بأطروحة جديدة في كتابه "أزمة المناخ والصفقة الخضراء العالمية الجديدة"، والذي ألفه بالشراكة مع روبرت بولين الاقتصادي التقدمي الشهير؛ حيث يرصد تشومسكي وبولين العواقب الكارثية للتغير المناخي غير الخاضع للرقابة، ويقدمان مُخططًا واقعيًا للتغيير فيما يعرفانها بأنها "الصفقة الخضراء الجديدة".

نعوم تشومسكي.jpg
الكاتب العالمي نعوم تشومسكي

ويوضح كل من تشومسكي وبولين معًا كيف أن التنبؤات بكوكب أكثر سخونة أمر مُرهق للخيال؛ إذ ستصبح مساحات شاسعة من الأرض غير صالحة للسكن، وستبتلى بالطقس القاسي والجفاف مع ارتفاع منسوب البحار ودمار المحاصيل الزراعية. ويدحض المؤلفان فكرة أن الخوف من التغير المناخي في غير محله، بل يشددان على ما ينتظر العالم من كارثة اقتصادية وبطالة متفشية ما لم ننتقل إلى الاقتصاد الأخضر، ويسلطان الضوء على أنَّ هذا القلق الزائف يشجع الساسة على إنكار قضية التغير المناخي.

ويدعو الكتاب إلى أن تتوقف الإنسانية عن حرق الوقود الأحفوري خلال العقود الثلاثة المقبلة، وأن يُنفذ ذلك بطريقة تعمل على تحسين مستويات المعيشة وإتاحة الفرص للعمال. ويوضح المؤلفان، أن هذا الأمر ممكن تمامًا، مشيرين إلى أن تغير المناخ حالة طارئة لا يمكن تجاهلها.

روبرت بولين.jpg
روبرت بولين الاقتصادي التقدمي

ويوضح الكتاب كيف يمكن التغلب على التغير المناخي سياسيًا واقتصاديًا. ويشن تشومسكي هجومًا شرسًا على الجاني وهو من وجهة نظره النظام الرأسمالي عديم القلب، الذي لم يهتم سوى بالربح على مدى أربعة عقود مضت. واجتذب برنامج الصفقة الخضراء العالمية الجديدة، التي تتطلب من جميع الحكومات التعاون للقضاء على صناعة الوقود الأحفوري القوية مع القضاء على الفقر في الوقت نفسه، الكثير من السخرية. ومع ذلك، فإنَّ مهندسيها مقتنعون بضرورة مثل هذا البرنامج، لكن ما ينقص هو مناقشة مدروسة من قبل أشخاص مُؤثرين- وليس مجرد أذكياء- للحيولة دون وقوع كارثة.

ويركز بولين- وهو أستاذ الاقتصاد بجامعة ماساتشوستس الأمريكية والمؤسس المشارك لمعهد البحوث الاقتصادية السياسية التابع لها- على الأدلة الخاصة بتغير المناخ وتفاصيل التشريعات والموارد المالية اللازمة لـلصفقة الخضراء، والتي يبدو أنَّه من الممكن تحقيقها بشكل مدهش على الرغم من الصعوبات السياسية التي يواجهها.

وتقول الخبيرة الاقتصادية آن بيتيفور "إن المشروع الذي يمثل الصفقة الخضراء الجديدة غني برؤى عقلين عظيمين: نعوم تشومسكي وروبرت بولين، فكلاهما يفهم أنَّ الصفقة الخضراء الجديدة ستفشل إذا لم تحم وظائف وسبل عيش الطبقة العاملة، ويشرحان كيف يمكن للتحول اللازم لاستعادة النظام البيئي أن يغير المؤسسات وحياة العاملين في جميع أنحاء العالم نحو الأفضل".

وتطلق الدراسات الجديدة ناقوس الخطر من أن تريليونات الدولارات من أصول الوقود الأحفوري العالقة يمكن أن تخلق فقاعة كربون من المُحتمل أن تنفجر بحلول عام 2028، مما يتسبب في انهيار حضارة الوقود الأحفوري، وستحتاج الحكومات إلى التكيف إذا أرادت البقاء والازدهار.

ويتسم الكتاب بإسهاب اقتصادي وسياسي مُكثف، على الرغم من أنَّه يقابله انتقاد تشومسكي القاسي لـ"الرأسمالية المُتوحشة" وتوصيفات النخب السياسية والشركات ذات الأهداف الأنانية والخطيرة. في حين تركز مساهمات بولين على كيفية تنفيذ برامج "الصفقة الخضراء الجديدة" وتمويلها، وهي أكثر أناقة وتأدبًا. ومع ذلك، فهو يُقدم أيضًا تحليلات حماسية لكيفية ضرورة أن تتكشف الجهود الدولية المنسقة، وتحويل "الفترة الانتقالية الحالية بين النيوليبرالية والفاشية الجديدة" إلى عالم أكثر إنسانية وواعيًا بقضايا البيئة.

وتتجلى أهمية الكتاب في إدراك المؤلفين للتحديات الهائلة التي تُواجه تنفيذ مثل هذه الإصلاحات الشاملة والتَّغلب على القوة السياسية لصناعة الوقود الأحفوري والمسؤولين في منظومات الدولة العميقة. ومدعومًا بطفرة النشاط الشبابي وسياسات تغير المناخ بين مجموعة كبيرة من الحكومات المحلية والشركات والنقابات العمالية، يأمل كل من تشومسكي وبولين في أن يكون كتابهما المخطط الأساسي الذي يمكن أن يدعم تلك الجهود، من خلال عمل شاق يهدف إلى المتابعة المُستمرة وبناء توافق الآراء.

تعليق عبر الفيس بوك