حاتم الطائي
◄ الحوار المُباشر بين القائد والشعب أحد مرتكزات النهضة المتجددة
◄ تطور ملموس في علاقة المواطن بعملية صُنع القرار واتخاذه
◄ الحوار دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني خلال العهد السعيد
نهجٌ سُلطاني أصيل رسَّخه الحوار المُباشر والمفتوح الذي تفضَّل بعقده حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- مع عددٍ من شيوخ ولايات مُحافظة ظفار، مما كان له الأثر العميق في علاقة القائد المفدى بأبناء شعبه الأوفياء، تلك العلاقة الراسخة التي تقوم على البذل والعطاء والتضحيات، وترتكز على الجد في العمل والولاء لسُلطان الوطن.
وجلالة السُّلطان ومنذ توليه مقاليد الحكم في يناير الماضي، وضع جملة من المُحددات الجوهرية لمسيرة الحكم وتطلعاتها، وهي مُحددات يمكن قراءتها والتعمق فيها، من خلال خطاب التنصيب التاريخي، وكذلك الخطاب السامي الأوَّل الموجه للشعب لاحقاً، فضلاً عن تجلي هذه المحددات في مُختلف السياسات والتوجيهات السامية.
وعلى رأس هذه المحددات "الاستماع إلى المُواطن"، بهدف التَّعرف على تطلعات كل إنسان يعيش على تراب هذا الوطن العزيز، والاستماع إليها ومن ثمَّ تنفيذ ما يُمكن تنفيذه من مُقترحات تخدم مسيرة التنمية الشاملة، وتُعزز من رفاهية المواطن في كل أنحاء عُمان. وفلسفة الاستماع إلى المُواطن، تعكس تبني جلالة السُّلطان- أيده الله- لطريقة الإدارة المُباشرة لقضايا الوطن، من خلال مجالسة المُواطنين في ولاياتهم للتَّعرف على احتياجاتهم التنموية ومطالبهم الاجتماعية وتطلعاتهم المُستقبلية، بعيداً عن الأسلوب الاعتيادي من خلال قراءة التقارير من الجهات المعنية والوزارات ذات الصلة، وذلك لضمان أن تكون الحلول والمُقترحات مُباشرة دون إجراءات إدارية تُطيل من وقت إنجازها. ورغم ما تحقق من نهضة تنموية شاملة عمَّت أرجاء الوطن، إلا أنَّ الوقوف على تطلعات المُواطن يظل أولوية لدى القيادة الحكيمة، يحرص عليها جلالته في إطار السعي لتعميق التَّواصل الدائم بين جلالته وشعبه الوفي.
والتأكيد على أهمية الاستماع للمُواطن، نقطة ارتكاز أصيلة في فكر جلالة السُّلطان، فقد أكَّد جلالته في أوَّل خطاب مُتلفز على أنَّ "شراكة المُواطنين في صناعة حاضر البلاد ومُستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني"، وهذا يعني أنَّ الأمر يتجاوز مسألة الاستماع للمُواطن، إلى اعتبار ذلك النهج إحدى دعامات العمل الوطني، أي أنَّ العمل الوطني لن يستقيم دون رأي المُواطن، فهو المَعنيُّ بالتنمية وهدفها وغايتها، والمُواطن هو حجر الزاوية في كل قرار أو قانون يصدر، ومُؤسسات الدولة جميعها تعمل من أجل المُواطن، وتسهر على حمايته وتوفير سبل الراحة له، والنماء للوطن.
ولا شك أنَّ طموحات المُواطن وتطلعاته محل اهتمام بالغ من لدن المقام السامي، فقد تأكد ذلك عندما قال جلالته- حفظه الله-: "إن الانتقال بعُمان إلى مستوى طموحاتكم وآمالكم في شتى المجالات، سيكون عنوان المرحلة القادمة بإذن الله، واضعين نُصب أعينِنَا المصلحة العُليا للوطن، مسخرين له كافة أسباب الدعم والتمكين".
وبين الدعم والتمكين، يتَّضح دور المواطن بجلاء، إذ لا تُبنى الأوطان إلا بسواعد أبنائها، وخيرة شبابها، من المُخلصين الذين يُقدمون الغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن وازدهاره في شتى القطاعات.
ومما يُبرهن على أنَّ عُمان في ظل العهد السعيد لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- نصره الله- بدأت مرحلة مُتجددة من النَّهضة الحديثة، أنَّ حزمة المراسيم السلطانية الأخيرة تضمنت المرسوم السلطاني رقم 101/ 2020 القاضي بإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية، والذي يهدف إلى منح المُحافظات استقلالية أكبر في عملية التخطيط التنموي، وتنفيذ المشروعات الخدمية، بما يعود بالنفع على المُواطن. ومما يُميز هذا المرسوم أنَّه ينص على إنشاء مجلس لشؤون المحافظات برئاسة وزير الداخلية، ويختص المجلس- بحسب نص المرسوم- بدراسة المواضيع التي يُحيلها إليه جلالة السُّلطان، أو مجلس الوزراء، ودراسة المواضيع ذات الطبيعة المُشتركة بين المحافظات، والتنسيق بين المُحافظات في ممارسة اختصاصاتها، والعمل على توحيد آليات عملها، ومُتابعة حسن سير المشاريع الإنمائية في المحافظات، وتذليل المعوقات، ورفع تقرير سنوي إلى مجلس الوزراء يتضمن نتيجة أعمال المجلس، والمُقترحات والتوصيات اللازمة لتطوير كل ما من شأنه تنمية المحافظات.
وهذا المجلس المُرتقب، يُترجم الفلسفة الحكيمة لجلالة السُّلطان، في ظل النهضة المُتجددة؛ حيث ترتكز أساسياتها على الإدارة اللامركزية للمشاريع الخدمية والتنموية، مما يخفف من آلية الإجراءات المُتبعة، ويضمن إنجازاً أسرع لهذه المشروعات، وفق الاحتياجات التنموية بكل مُحافظة. وما يميز هذا المجلس أنَّ من بين أدواره المقررة قانونًا القيام بالتنسيق بين المحافظات في ممارسة اختصاصاتها، والعمل على توحيد آليات عملها، وهذا من شأنه أن يوفر الكثير من الإجراءات البيروقراطية، بل سيدعم جهود جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية؛ إذ ستكون الإجراءات واحدة وموحدة، فلا يُفاجئ مُستثمر من ظفار- مثلاً- بعراقيل إدارية عندما يتوسع في استثماراته بالباطنة أو مسندم، والعكس صحيح.
وختامًا.. ثمَّة تطور ملموس في علاقة المواطن بعملية صُنع القرار واتخاذه، وهذا التطور يصب حتمًا في مصلحة الوطن، ويدعم التوجهات النهضوية الرامية نحو مزيد من المشاريع التي تخدم المواطن، وتقديم الخدمات بكل سهولة ويُسر، بما يُساعد على استمرار مسيرة التطور والازدهار، ولكي ينعم المُواطن بمعيشة كريمة ومُنتجة في ظل دولة حديثة متطورة.