الأرقام الرئيسية تُخفي تناقضات كبيرة.. وعدم اليقين لا يزال مرتفعا

عكس الاتجاه السائد.. تعافٍ وشيك من الصدمة الاقتصادية "الهائلة"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

توقَّع تقريرٌ لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنَّ "الصدمة الهائلة" التي تعرضت لها أكبر الاقتصادات في العالم جراء تداعيات تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، قد لا تكون بنفس السوء الذي كان يخشاه الاقتصاديون قبل بضعة أشهر فقط؛ في أول توقُّع يسير عكس الاتجاه السائد منذ بدء الجائحة.

ورفعتْ المنظمة في تقريرها -الذي نشرته أمس "سي.إن.إن بيزنس"- توقعاتها للناتج الاقتصادي العالمي هذا العام، مشيرة إلى أنه في حين أن الانخفاضات لا تزال "غير مسبوقة في التاريخ الحديث"، فقد تحسنت التوقعات بشكل طفيف منذ يونيو. وقالت المنظمة -التي تتخذ من باريس مقرًّا لها- إنها تتوقع الآن أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.5% في العام 2020، قبل أن يتوسَّع بنسبة 5% في العام المقبل. بعدما كانت تتوقع في السابق أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 6% هذا العام وينمو بنسبة 5.2% العام المقبل.

وعلى الرغم من ذلك، حذرت المنظمة من أن الأرقام الرئيسية تخفي تناقضات كبيرة، في حين أنها عززت بشكل كبير توقعاتها للعام 2020 للولايات المتحدة والصين، ورفعت بشكل طفيف التوقعات بالنسبة لأوروبا، فيما خفضتها للدول النامية كالمكسيك والأرجنتين والهند وجنوب إفريقيا وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية.

وقال اقتصاديون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنَّ التخفيضات تعكس "الانتشار المطول للفيروس، والمستويات المرتفعة للفقر، وإجراءات الإغلاق الأكثر صرامة لفترة طويلة".

وبحسب "سي.إن.إن بيزنس"، فإنَّ تقرير المنظمة أشار إلى أنَّ الصين هي الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي من المتوقع أن يرتفع ناتجها في العام 2020، مع نمو اقتصادها بنسبة 1.8%، مقارنة بانكماش بنسبة 3.8% في الولايات المتحدة وتراجع بنسبة 7.9% بين 19 دولة تستخدم اليورو. وذكرت بكين أنَّ مبيعات التجزئة كانت أعلى في أغسطس مما كانت عليه في العام السابق -وهي المرة الأولى التي زادت فيها المبيعات في العام 2020.

وفي غضون ذلك، قد ينكمش اقتصاد جنوب إفريقيا بنسبة 11.5% هذا العام، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما يسير اقتصادا المكسيك والهند على المسار الصحيح نحو انكماش بنسبة 10.2%. هذا أسوأ من توقعات الاقتصادات المتقدمة باستثناء إيطاليا، والتي من المقرر أن تتقلص بنسبة 10.5 % بعد أن تضررت بشدة من الفيروس.

وفي السياق، حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن توقعاتها بعيدة عن أن تكون محددة، وأن الكثير يعتمد على مسار عدوى كوفيد 19 والدعم المستمر من صانعي السياسات. وأضافت أنَّ الانتعاش العالمي "فقد بعض الزخم خلال أشهر الصيف" بعد موجة أولية من النشاط... وأنَّ التعافي جار الآن في أعقاب تخفيف إجراءات الحجز الصارمة وإعادة فتح الشركات، لكن عدم اليقين لا يزال مرتفعا والثقة لا تزال هشة".

ويفترض تقرير المنظمة -على سبيل المثال- أنَّ المملكة المتحدة سوف تتوصل لاتفاقية تجارة حرة "أساسية" للسلع مع الاتحاد الأوروبي. لكنَّ المحادثات قد تُسحق بسبب مشروع قانون مثير للجدل قدمته حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون، والذي من شأنه أن يخرق شروط اتفاق "بريكست" الذي تم التفاوض عليه مسبقًا. وتتوقع الوكالة أن يتقلص الاقتصاد البريطاني بنسبة 10.1% هذا العام، وهو تحسن طفيف عن آخر تقدير.

وتعتمد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضًا على المشرِّعين الأمريكيين للموافقة على حزمة تحفيز أخرى تصل قيمتها إلى 1.5 تريليون دولار هذا الخريف، على الرغم من وصول المفاوضات إلى طريق مسدود. وقد يكون التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة مع اقتراب انتخابات نوفمبر.

وكانت توقعات المنظمة بشأن الانتعاش العالمي في العام 2021 أقل قليلاً مما كانت عليه في يونيو. وأوضح الاقتصاديون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنهم يرون طريقًا طويلاً في المستقبل. وقال التقرير: "في معظم الاقتصادات، من المتوقع أن يظل مستوى الإنتاج في نهاية عام 2021 أقل من ذلك في نهاية عام 2019 ، وأضعف بكثير مما كان متوقعا قبل الوباء؛ مما يسلط الضوء على مخاطر التكاليف طويلة الأمد للوباء".

تعليق عبر الفيس بوك