التعافي رهن تدابير حكومات الصين ومنطقة اليورو وأمريكا

"QNB" يتوقع انتعاش النمو الاقتصادي العالمي في 2021.. وسنوات تالية من التباطؤ

 

الرؤية - خاص

قالَ التقريرُ الأسبوعيُّ لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنَّ تدابير الاستجابة عبر السياسات النقدية والمالية المتخذة من قبل كبرى اقتصادات العالم ساعدت في منع "كوفيد 19" من التسبب في أزمة اقتصادية ومالية أكثر سوءاً، ورغم ذلك، يرجح التقرير أن يستمر التأثير السلبي لهذا الوباء على الاستثمار والدخل والإنتاجية، معتبرا أنه لا يمكن استمرار تقديم الحوافز المالية والنقدية إلى الأبد، ولذلك، من المرجح أن يتباطأ النمو العالمي لعدة سنوات بعد انتعاشه بقوة في عام 2021.

وأوضح التقرير أن الاقتصاد العالمي يسير حالياً بخطى ثابتة نحو التعافي من الانخفاضات الحادة في النشاط المرتبطة بالتأثير الأولي لكوفيد- 19. لكن هناك تفاوت كبير بين أداء مختلف البلدان والمناطق حول العالم. وليس من المستغرب أن حجم وشكل وسرعة التعافي الاقتصادي تعتمد بشكل رئيسي على السياسات الحكومية المتبعة. وقال التقرير: "سنستخدم إطاراً بسيطاً يعتمد على تقسيم النشاط الاقتصادي إلى التصنيع والخدمات وذلك باستخدام مؤشر مدراء المشتريات على وجه التحديد، وسنقوم بعد ذلك بتطبيق إطارنا الخاص بالتعافي والتوقعات على 3 دول / مناطق رئيسية حول العالم وهي الصين ومنطقة اليورو والولايات المتحدة، وسنستخدم ذلك الإطار لمراجعة تأثير الأنواع المختلفة من الدعم الاقتصادي على شكل الاقتصاد في كل دولة أو منطقة".

وبحسب التقرير، تعاطت الصين مع "كوفيد 19" بإجراءات إغلاق صارمة كانت فعالة في السيطرة على الوباء محلياً، لكنها لم تتمكن منع انتشاره في الخارج. وأدت عمليات الإغلاق إلى تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي بلغ ذروته في فبراير. ورد صناع السياسات في الصين بحوافز مالية ونقدية كبيرة. وأدت سرعة وقوة الاستجابة عبر السياسات النقدية والمالية إلى الحد من تراجع نشاط التصنيع على وجه الخصوص؛ وذلك لأنَّ سياسة التحفيز الصينية تركز على استخدام السياسة المالية والنقدية لتشجيع الشركات والحكومات المحلية على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والمشاريع العقارية. وتعزز هذه الاستثمارات الطلب على المواد الخام (مثل الزجاج والصلب) وسلاسل التوريد المنتجة لها، وبالتالي فهي تدعم فرص العمل والدخل. وبالفعل، تعافى الاقتصاد الصيني بقوة أكبر مما كنا نتوقع سابقاً وعاد إلى النمو في نهاية الربع الثاني من عام 2020.

وبعد ذلك، ضرب "كوفيد 19" أوروبا، وكان للوباء تأثير أكبر هناك بسبب كثرة عدد السكان المسنين. فقد الوباء فاجأ صناع السياسات في أوروبا، قبل أن يردوا أيضاً بفرض إغلاق صارم وإجراءات للتباعد الاجتماعي. وقد أدى ذلك بدوره إلى بلوغ تباطؤ النشاط الاقتصادي ذروته في أبريل. واستجابت أوروبا للأزمة بثلاث طرق رئيسية؛ أولاً: خفف البنك المركزي الأوروبي السياسة النقدية من خلال تخفيض أسعار الفائدة وزيادة عمليات شراء الأصول، والتي تُعرف أيضاً بالتيسير الكمي. ثانيا: من حيث تدابير الاستجابة الاقتصادية الأوروبية لكوفيد- 19، تم ذلك عبر التركيز على برامج دعم التوظيف التي تؤيد قيام الشركات بعدم تسريح العاملين لديها لتجنب جعلهم عاطلين عن العمل. ومن الواضح أن ذلك يساعد على دعم التوظيف والدخل ويؤدي إلى انتعاش أقوى في قطاع الخدمات. ثالثا: موافقة الدول المحافظة "الأساسية" على إصدار ديون مشتركة للمساعدة في تمويل تدابير الاستجابة الاقتصادية لـ"كوفيد 19". ويرى التقرير أن تلك الخطوة كانت مفيدة بشكل خاص للبلدان ذات الحيز المالي الصغير مثل إيطاليا وإسبانيا، وهو أيضاً أحد العوامل التي تقود إلى توقع أداء متفوق من اقتصاد منطقة اليورو في النصف الثاني من العام.

وفي الولايات المتحدة؛ حيث أدى الافتقار الأولي لمعدات الاختبار إلى تعتيم حجم الانتشار الحقيقي لكوفيد- 19، ونتج عن ذلك زيادة متأخرة في حالات الإصابة بالمرض، لكنها كانت أكبر وأطول أمداً. وكان التأثير الأولي للوباء على النشاط الاقتصادي أكثر اعتدالاً مما كان عليه في منطقة اليورو، لكنه وصل إلى ذروته أيضاً في أبريل. ومع ذلك، كان التعافي أكثر تدرجاً واعتدالاً مما كان عليه في الصين أو أوروبا. وتألفت تدابير الاستجابة عبر السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة من عنصرين رئيسيين؛ أولاً: قام الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) في الولايات المتحدة ببذل "كافة الجهود الممكنة للتصدي لهذه المشكلة"، مع تقديم قدر غير محدود من التسهيل الكمي ومجموعة من الأدوات الأخرى التي تتجاوز التدابير القوية التي تم اتخاذها خلال الأزمة المالية العالمية. ثانياً: تعثرت الاستجابة المالية بسبب السياسات الحزبية في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. ويمثل عدم اليقين بشأن مدى استمرار تدابير توفير الدخل للأشخاص المسرحين من العمل عاملاً سلبياً لقطاع الخدمات. ولذلك يتعين الحذر بشأن توقعات مدى قوة وسرعة تعافي الاقتصاد الأمريكي.

النقطة الرئيسية التي يستخلصها التقرير من ذلك التحليل، تتمثل في أن السياسة التي تتبعها الحكومات حالياً أسهمت في تحديد السرعة الحقيقية للتعافي وقوته وشكله. وضاعف صناع السياسات في الصين جهودهم لتحفيز الاقتصاد من خلال الاستثمار في البنية التحتية. وتتميز أوروبا بسياسات تشجع الشركات على الاحتفاظ بالموظفين، الأمر الذي يساعد في الحفاظ على رأس المال البشري وذلك له فوائد على المستوى المجتمعي، لكنه مُكلف، ولذلك لا يمكن الاستمرار فيه لفترة طويلة من دون تهديد القدرة على تحمل الدين. فيما كانت استجابة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لافتة ودفعت العديد من الأسواق المالية إلى مستويات قياسية.

تعليق عبر الفيس بوك