الولايات المتحدة تحت "التدمير الممنهج"

"نتائج كارثية" حال فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

وجهت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية انتقادات حادة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ظل مسعاه للفوز بولاية رئاسية ثانية، وقالت الصحيفة إن 4 سنوات أخرى تحت حكم ترامب، تعني مزيدا من الازدراء للكفاءات والتدمير للولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، إن ترامب يعتقد في قرارة نفسه أنَّه يعرف أفضل من الآخرين، لكن ليس لأنه يعرف الكثير، ومن هنا كانت حملته الرئاسية لعام 2016 تطبق منطقاً مفاده أن لا يجب الاستعانة بالخبراء، وأن أي شخص لديه درجة علمية وسنوات من الخبرة يمكن أن يتولى المسؤولية في أي مجال من مجالات الحكومة، ومن ثم التنفيذ بصورة أفضل اعتمادًا على الغريزة. وأوضحت الصحيفة أن البيت الأبيض تصرف وفقًا لهذه الفلسفة، الأمر الذي تسبب في إحداث تأثيرات مدمرة على الولايات المُتحدة.

ففي قضايا الديون والضرائب والطاقة المتجددة والتجارة والوظائف والبنية التحتية والدفاع، أعلن الرئيس أنه الأفضل على الإطلاق لاتخاذ القرار المناسب.

وتساءلت الصحيفة عن الحاجة إلى مستشار علمي وهو منصب تركه ترامب شاغراً لمدة 19 شهرا؟ ولماذا تقلق إذا كان أكثر من ثلث المناصب العليا في البنتاجون أو وزارة الأمن الداخلي لم يتم تعيين مسؤول فيها؟ ولماذا لا تُطرد معظم القوى العاملة في خدمة البحوث الاقتصادية التابعة لوزارة الزراعة، كما فعلت الإدارة، عمدًا، عن طريق نقل مقر الوزارة فجأة إلى منطقة مدينة كانساس؟

وترى الصحيفة أنَّ أفضل نوع من الخبراء، من وجهة نظر ترامب، هو النوع الذي لا يتمتع بأي حكم مستقل على الإطلاق، مشيرة إلى تصريح المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو عندما قال: "وظيفتي، كخبير اقتصادي، هي محاولة تقديم التحليلات الأساسية التي تؤكد حدسه... وحدسه دائمًا على حق في هذه الأمور".

وعندما لا يتمكن موظف عام من تقديم تلك التحليلات المؤكدة بشكل مريح، يخاطر ترامب باتخاذ إجراءات غير طبيعية، غالباً عبر تغريدة على تويتر، وإبعاد الموظف عن منصبه في أسوأ الأحوال.

وتوضح الصحيفة أن ترامب نادرًا ما يستمع ولا يقرأ أبدًا، مشيرة إلى أنه مرة أو مرتين في الأسبوع فقط يكلف نفسه عناء الاستماع إلى الإيجازات الاستخباراتية التي يتلقاها الرؤساء عادة يوميًا. كما أنه يأخذ النصيحة ليس من أكثر الأشخاص المؤهلين، أو حتى الأكثر إقناعًا، من حوله، ولكن من الشخص الذي يتمكن من التسلل في الكلمة الأخيرة.

وخلال حكم ترامب، زاد الازدراء للكفاءات، وعانت وزارة العدل من ذلك، وشهدت وزارة الخارجية- كما قال سفير سابق ووكيل وزارة سابق- "أهم خروج للمواهب الدبلوماسية على مر العصور". فما يقرب من نصف الوزراء التكنوقراط في الحكومة استقالوا من مناصبهم أو أجبروا على الاستقالة خلال العامين الأولين من حكم ترامب. وأولئك الذين لم يستقيلوا عوملوا بازدراء. وضربت الصحيفة مثالا بماري يوفانوفيتش، التي أُقيلت من منصبها كسفير في أوكرانيا بعد حملة تشهير قام بها رودي جولياني وأتباع الرئيس الآخرين.

وذكرت الصحيفة أن الأمريكيين يشعرون الآن بما خلفته إدارة ترامب من آثار مدمرة على البلاد، في ظل أزمة كورونا. وفي حين أن الوباء يمثل النتيجة الأكثر فتكًا لازدراء الرئيس للكفاءات، لكن ثمة خطر أكبر يلوح في الأفق، حيث استند ترامب في حملته الانتخابية على تصريحه بأن تغير المناخ ليس سوى "خدعة"، ومن ثم اتخذ قرارا مجنونا بالانسحاب من اتفاقية باريس للتغير المناخي. وبناء على ذلك الانسحاب، ستتزايد التهديدات المناخية، لاسيما بعدما اتضح للجميع مدى التأثير المدمر للدرجتين المئويتين الإضافيتين لكوكب الأرض. فقد ارتفعت الانبعاثات الحرارية خلال فترة رئاسة ترامب بعد ثلاث سنوات متتالية من الانخفاض.

إن ازدراء ترامب لأصحاب الأداء الجيد وتحقيره من شأن الحقائق تسبب في تدمير الإدارات الحكومية، وهو ما دفع إلى استقالة المحترفين والموهوبين في جميع القطاعات. فقد أفسد ترامب قيادة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وهنا لا يجب حصر حجم الدمار على إقالة عدد قليل من كبار الضباط المحترمين، بل بالمخاطر المباشرة على الأمن التي يشكلها فصلهم غير الرسمي. إن الأمر يتعلق بالمستقبل، فالموظف سيعتقد أن الولاء للرئيس بات أكثر أهمية من الصدق والإخلاص في العمل، وأن عدداً لا يُحصى من الشباب الأمريكيين الموهوبين سيعتقدون أن العمل في الحكومة الاتحادية ليس بالأمر الجيد.

وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالتأكيد على أنَّ كل مظاهر الجهل المتعمد تعكس مدى ازدراء ترامب لأصحاب الخبرات والموهوبين، وأنه بات على الجميع أن يدرك مدى عمق إخفاقات ترامب، وأنه إذا فاز ترامب فسيواصل إضعاف معنويات وتسييس وتدمير الكفاءات التي كانت ذات يوم موضع حسد العالم بأسره، في العديد من قطاعات العمل، في الخدمة المدنية والقطاع الصحي والخارجية والجيش، ولذا ستكون النتائج كارثية.

تعليق عبر الفيس بوك