حمود بن علي الطوقي
عزَّز قرارَ دمج وزارة السياحة مع التراث القيمة الحضارية والتاريخية لدور هذه الوزارة، والتي أصبحت الآن بمسمى جديد وهو "وزارة التراث والسياحة"، هذا ما أكده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، من أهمية الرابط المتين بين عناصر التراث المختلفة والسياحة، وضرورة توظيف هذه العناصر لاستثمار الميزة التنافسية لجذب الاستثمارات والسياحة الأجنبية.
فهذه الثنائية سترفع بلا شك من القيمة المضافة لهذا القطاع، وسنشهد قفزة مُتوقعة خلال المرحلة المقبلة، وستتحول السياحة بتجانسها مع التراث لترفد خزينة الدولة بموارد مالية جديدة، وحتما سترتفع مساهمة هذا القطاع (التراث والسياحة) في الناتج المحلي بنسبة تتجاوز الـ3%، وقد تصل مساهماتها خلال الخطة الخمسية الحالية ما بين 5% و8%.
هذا الطموح من السهل الوصول إليه بل وتجاوزه لتكون لهذه الوزارة "السياحة والتراث" الطليعة في تحقيق رؤية عُمان 2040 بأهمية تنويع مصادر جديدة للدخل الوطني.
نُراهن على قطاع السياحة؛ فبلادنا وهبَها الله كلَّ المقومات الطبيعية والبيئية والتراثية تَجعل من هذا القطاع يتبوأ مكانة متقدمة عن بقية القطاعات؛ فكلُّ المؤشرات مُشجِّعة لنهضة سياحية قادرة على قيادة القاطرة نحو آفاق جديدة، وكل شبر من عُمان يُسطر حكاية تُروى عن مكانة هذا البلد المتنوِّع في التضاريس؛ فلدينا السهل والبحر، ولدينا الجبل والصحراء، ولدينا الشواطئ والوديان، وفوق كل ذلك لدينا الطيبة والكرم وحسن الضيافة التي يتميز بها المواطن العماني الذي يشار إليه بالبنان.
نُريد من الوزارة -التي يقودها معالي سالم بن محمد المحروقي- أن تُحدث نقلة نوعية جديدة لهذا القطاع؛ فمعاليه يملك خبرات متراكمة تجمع بين الإعلام والإدارة، وشغفه للثقافة والتراث، وهذا الإرث والخبرة التراكمية ستُساعده في رسم خارطة جديدة لهذا القطاع. ومعاليه يتجاوب بشكل مباشر مع تغريدات المواطنين من خلال حسابه في شبكات التواصل الاجتماعي، ليجعله هذا التواصل يكون قريبا من المشهد ومطلعاً على المطالب وملاحظات الجمهور على أداء هذا القطاع.
وفي هذا الصدد، يجب أن نشير إلى أهمية التعاون بين الوزارة والمحافطات المختلفة، ومن شأن ذلك أن يحدث نقلة جديدة من أجل تحقيق الأهداف المرسومة لهذا القطاع الواعد، نريد أن نرى مفهومًا جديدًا للسياحة، نريد أن نرى المواطن والمقيم جزءًا من هذه الأهداف المشجعة لتنمية السياحة، نريد أن نرى المرافق السياحية وقد اكتملت أركانها، نريد أن نرى كلَّ شبر يعتقد أنه موقع يطاله الخدمات الأساسية لدعم المورد السياحي.
الكثيرُ من المقالات والتغريدات التي رصدناها أكدنا فيها المعوقات التي تُعيق تطوُّر السياحة، وقد نبَّهنا على مدار السنوات الماضية وحذرنا من هذه المعوقات والتحديات، ورغم أننا على يقين بأنَّ هذه المعوقات أصبحت معروفة لدى القائمين على صناعة السياحة لهذا ونحن نعيش نهضة عمان المتجددة، نريد أن نرى المواطن أكثر وعيا وإدراكا بالمحافظة على البيئة العمانية الجميلة، نريد أيضا أن نرى المواقع السياحية، وقد اكتملت ملامحها لاستقبال السياح مع وجود المرافق الأساسية، لدينا مواقع سياحية في قمة الروعة والجمال ولكن تنقصها الخدمات الأساسية، رأينا كيف يتصرف المواطن والمقيم على حدٍّ سواء أثناء زيارته للاستجمام في الوديان والشواطئ والمتنزهات بترك المخلفات في الأرض بسبب عدم وجود القمامة وسلة لجمع المخلفات، لا نريد ان نرى هذه المشاهد المؤلمة تتكرر لأننا نريد أن نرى المواطن واعيا ومشاركا في خدمة الطبيعة، رأينا مناشدات متكررة بعدم وجود دورات للمياه في الأماكن السياحية العامة، وإذا وُجِدت فتجدها رديئة وتفتقر لأدنى متطلبات النظافة.
نريد أن نرى الحارات العُمانية القديمة وقد أصبحت مزارا سياحيا، ونريد أن تُفتح القلاع والحصون أمام الزوار ليتعرَّف عليها أبناؤنا وكل من يزور بلدنا الجميل. نريد أن نُنشئ جيلا يعي بأهمية غرس ثقافة المواطنة.
نريد أن نرى الشركات العمانية وقد أنيط لها إدارة بعض المواقع السياحية والتراثية بفكر جديد في إدارة المرافق السياحية؛ شرط تقديم الجودة في الخدمة السياحية. نريد أن نرى العيون المائية الكبريتية المنتشرة في بلادنا وقد أصبحت مصدرًا للجذب السياحي حيث يقصدها القاصي والداني، نريد أن نرى المحافظات وقد شمَّرت عن أيديها للتنافس فيما بينها لتقديم خدمات مُنتقاة تُنعش الحركة السياحية. نريد أن نرى سياحة تندرج تحت فكر صناعة السياحة لكي نحقق لهذا القطاع موردا مهما يُسهم في رفد الاقتصاد الوطني.
أجزم وأنا اختم هذا المقال أن السياحة في بلادنا متميزة، ومؤهلة لتكون المورد والمصدر الأكثر أهمية بعد النفط والغاز.. فللحديث عن هذا القطاع شجون، ولنا عودة في مقالات قادمة بإذن الله.