المعتصم البوسعيدي
منذُ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحُكم وهو يرتسمُ النهجَ القويم لأعزِ الرجالِ وأنقاهم -طيب الله ثراه.. نهجٌ وعدَ به في خطاب التصنيب، كما أنَّه وضعَ ملامحهُ بمضامينِ خطاب الثالث والعشرين من فبراير، ليترجمها واقعاً ملموساً كانت دلالاته الكبرى مراسيم إعادة تشكيل الجهاز الإداري للدولة، بما عُرِفَ بترشيق الحكومة وتمكين الشباب والمضي قُدما في تحقيق رؤية "عمان 2040".
لقد نالت الرياضة العُمانية من تشكيلِ الجهاز الإداري حظوة سلطانية سامية؛ حيثُ تجلت ثُلاثية مُستقبلها عبرَ ثالوث -إن صح التعبير- "الفكر والبدن والروح" وبقيادة شبابية جديدة أمسك بسرج زمامها صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد الموقر، فتعاظمت الأحلام واشرأبت أعناق الطموحات، واتسعت مساحة الضوء في نفقِ رياضتِنا المُظلم.
لا رَيْب أن تولي قيادة الرياضة العُمانية شخصية شابة ذات ثقلٌ سُلطاني مكين مكسبٌ لها، علاوةٌ على أن اقترانِها بالثقافةِ والشباب يضعها في خلطة سرية ستكون النقلة النوعية المُرتقبة -بإذن الله- لكُلِّ مفصل منها، ومع استقلالية اتجاهاتها، إلا أنها تظل متفقة في الغاية الأسمى. على أن هذا التفاؤل مقرون بالتوجس والقلق الطبيعيين؛ نظير واقعنا المثقل بهموم أندية ما زالت تبحث عن تكوين كينونتها، وبفراغ "جراب الحاوي" من ذهب التألق الدولي في محافل الأولمبياد والمنصات عالية القيمة، وببنية تحتية تعيش في جلباب الخوف من استضافة البطولات الكبرى.
تحتاج رياضتنا اليوم للثقافة كي تنفض غبار الترفيه عنها، وللشباب المتوقد لتنطلق أساريرها المكبوتة في الحلقات الدائرية التي جعلت من ربيعها خريفًا تتساقط أوراقه على مرِّ السنين، ويقيننا ليس في شخص صاحب السمو فقط، بل في قدرة هذا الوطن بكل مُقوماته ومُكوناته البشرية والمادية نحو استغلال نقاط قوتنا وتجاوز نقاط ضعفنا وردم الفجوات التي يجب أن تبدأ من إسقاط حاملي "صكوك الغفران"؛ فالعبرة بالعمل لا بالأسماء ولا الأفعال لا الأقوال، "والجزاء من جنس العمل"، فيُشكر الساعي والمنجز، ويلام المخطئ ويصحح له، ويعاقب إن استوجبَ الأمر.
في النسبة التي طرحت ضمن مسؤوليات الوزارة الجديدة، ظهرت الـ40% للرياضة حسب المتداول، وأعتقد أنَّ القياس لا يكون إلا على التنفيذ، فخُطط لعب المباريات لا تعتمد على ماهيتها بقدر تنفيذها وإتقانها، والأمر سيَّان في إدارة شؤون الرياضة، مع ضرورة تلاقي الرؤى بين كافة الجهات المعنية بالرياضة؛ فمن الأهمية بمكان إيجاد مسار رياضي يقود إلى جهاز الاستثمار العماني؛ فصناعة الرياضة تتوافر لها في عمان جغرافيَّة مميزة كالجبل الأخضر وصلالة وغيرها، عدًّا على أفكار الاستثمار الأخرى، كما أجد من الضرورة إعادة صياغة القوانين والأنظمة وبما يتوافق مع الأنظمة الدولية.
إنَّ ثلاثية المستقبل في مسمَّى المؤسسة الرسمية للرياضة العمانية ليست حلمًا ورديًّا؛ فالنهضة المتجددة أشرقت من فجر الألم والحزن على فقيد عمان الخالد رحمه الله، فكان مقام سلطاننا هيثم المعظم وصية صوت النهضة المنادي "جمعاً وفرادى"، ومن طالع سعد رياضتنا أن يكون سلطاننا رياضيًّا ممارسًا ومحبًّا لها، خبيرًا بدهاليزها، عارفًا بملفاتها، وقد صارَ نجله الموقر مُهاجمه البارع الذي ننتظر منه تسجيل أهداف الفوز الكبير.