"بلومبرج": الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي "خرق" لمبادرة السلام العربية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

تساءلت وكالة بلومبرج الإخبارية في تقرير لها عن الفائز والخاسر من اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل الذي أنجز برعاية أمريكا، واستفسرت عن انعكاسات هذه الاتفاقية على دول الشرق الأوسط التي لم تُوقع حتى الآن على اتفاق سلام مع إسرائيل، وقالت الوكالة إنَّ من الواضح أنَّ الالتزام الإسرائيلي- الإماراتي بتطبيع العلاقات، بوساطة الولايات المتحدة، سيعود بالفائدة على الأطراف الثلاثة.

غير أنَّها استدركت بالقول إنَّ الفلسطينيين، الذين أُخذوا على حين غرة على ما يبدو في هذا الاتفاق، نددوا بالاتفاقية ووصفوها بـ"الخيانة" وطالبوا بإلغائها. فبالنسبة لهم، أمر كارثي أن تكون دولة الإمارات العربية المُتحدة كسرت إجماعًا طويل الأمد بأنَّ جميع العلاقات مع إسرائيل يجب أن تستند إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي عرضت على إسرائيل التطبيع مع العالم العربي بأكمله بعد الاتفاق على إنشاء دولة فلسطينية.

لكن- بحسب بلومبرج- "انتهكت" الإمارات "الخط الأحمر العربي" بالانضمام لموريتانيا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن دون إحراز أي تقدم في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ويقول الإماراتيون إنهم تحركوا لمنع الضم الوشيك لأراضٍ فلسطينية جديدة، إلى جانب الحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية. لكن قلة من العرب الآخرين وتقريبًا لا يوجد فلسطينيون يرون الأمر من هذا المنظور.

ومن الواضح أنَّ تجنب الضم أمر جيد للغاية من وجهة النظر الفلسطينية، لكن التكلفة المترتبة على خرق إجماع مُبادرة السلام العربية، الذي يُشار إليه غالبًا كأساس للسياسة الفلسطينية أيضًا، ومستقبل الدولتين، سوف يُنظر إليه على أنه قرار لا يُمكن تحمل تكلفته.

وربما يُثير الاتفاق انزعاج المملكة العربية السعودية، جزئيًا على الأقل، لأنَّ مُبادرة السلام العربية هي مبادرة سعودية في الأساس. ومع ذلك، من الواضح أنَّ الرياض أولت اهتماماً بتعزيز العلاقات مع إسرائيل في مُواجهة إيران، وستولي اهتمامًا أكبر بأداء الإمارات خلال الأشهر المُقبلة.

جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يقول إنَّ دولاً عربية أخرى ستحذو حذو الإمارات، وسط تكهنات بأن تُعلن دول خليجية أخرى عن اتفاقات مماثلة قريبًا. غير أنَّ بلومبرج توقعت ألا يتم التطبيع خلال حكم الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الذي يبدو أنَّه مُلتزم بمُبادرة السلام العربية. وذكرت بلومبرج أنَّ دولاً خليجية تعمل في هدوء على تعزيز علاقاتها مع إسرائيل، معتبرة أنَّ "التطبيع" سيكون مجرد إضفاء للطابع الرسمي على ما هو قائم من علاقات بالفعل.

أما بالنسبة لمصر، فإنَّ الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي نبأ مُرحب به في القاهرة، لأسباب ليس أقلها كراهيتهم المُشتركة لتركيا؛ فالقاهرة منزعجة من الطموحات التركية في ليبيا وشرق البحر المتوسط​، إلى جانب دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين. ومن المحتمل أن يُعزز الاتفاق اليد المصرية الإماراتية في ليبيا ضد القوات المدعومة من تركيا للسيطرة على البلد الغني بالموارد الطبيعية والواقع في شمال أفريقيا.

والاتفاق، مثل العداء العربي التاريخي تجاه إسرائيل، لن يعني الكثير لبقية دول شمال إفريقيا. لكن المغرب يقترب من رأس قائمة الدول الأخرى التي قد تفكر في الانفتاح على إسرائيل.

وخارج العالم العربي، فثمة دولتان لديهما الكثير لقوله تعليقاً على الاتفاق، وهما إيران وتركيا، اللتان تعاديان إسرائيل والإمارات؛ إذ نددت إيران بالاتفاق ووصفته بأنَّه "خطير". ومن المؤكد أنَّ إيران ستستخدم الاتفاقية لتأجيج ادعاءاتها ضد الإمارات، وتصوير الإماراتيين على أنَّهم خانوا القضية الفلسطينية. لكن هجوم طهران يتركز في الأساس ضد اجتماع اثنين من ألد خصومها في المنطقة؛ الإمارات وإسرائيل، قد اجتمعا وثالثهما ترامب. وترى بلومبرج أنَّ زيادة التعاون العسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة سيكون بالفعل خطيرًا على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وتطرق تقرير بلومبرج إلى أنَّ الأمر أكثر تعقيدًا بالنسبة لتركيا التي نددت بالاتفاق الإسرائيلي الإماراتي وهددت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات. فتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، ويبدو أنَّ الرئيس رجب طيب أردوغان يقدر علاقته الجيدة بترامب. كما إن تركيا تتمتع بعلاقات تجارية مع إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، لكنها تتعارض مع أهدافهما في معظم القضايا الرئيسية. ويُهاجم أردوغان إسرائيل بصورة معتادة حول فلسطين، ولن يتقبل التحركات الإسرائيلية الأخيرة في شرق البحر المتوسط.

وترى بلومبرج أنَّ الرابح الأكبر خارج الأطراف الثلاثة المشاركة مباشرة في الاتفاقية هو بالتأكيد الأردن، لأنه يسمح على الأقل بأمل إنشاء دولة فلسطينية مستقبلاً. وكان من الممكن أن يتبخر هذا الأمل إذا مضت إسرائيل قدماً في الخطة التي يصر عليها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي للاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية.

تعليق عبر الفيس بوك