"تشاينا ديلي" ترصد آراء "المعتدلين" في السياسة الأمريكية

"الحرب الباردة" الجديدة ليست "الحرب البيلوبونيزية".. والنتائج وخيمة

ترجمة- رنا عبدالحكيم

رصدت صحيفة تشاينا ديلي الصينية مجموعة من الآراء المعتدلة لخبراء السياسة والاقتصاد في الولايات المتحدة، حول ما يثار عن "حرب باردة جديدة" بين أمريكا والصين، حيث أجمعوا على أن مثل هذه الحرب لن تسفر إلا عن نتائج وخيمة وسيخسر الجميع فيها.

وحذر جيفري ساكس الاقتصادي البارز، من أن شن "حرب باردة" جيوسياسية بين واشنطن وبكين تعكس طريقة خطيرة في التفكير، مخاطبًا ساسة أمريكيين قال إنهم منخرطون في لعبة ستفضي إلى "عواقب وخيمة". وقال ساكس، وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا الأمريكية، لشبكة "سي إن بي سي" أثناء مشاركته في نقاش حول العولمة: "ما يقلقني هو شيء آخر.. إنها حرب جيوسياسية باردة". وأضاف "هذا خطأ مروع... الحرب الباردة الأخيرة (بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) كانت خطيرة بما فيه الكفاية؛ هذه الحرب ستكون أشد خطورة".

وتابع ساكس وهو أيضًا مدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، أن حربًا باردة أخرى سيكون قرارا خاطئا تمامًا ومضللا، مستدركا بالقول: "لكن الكثير من الأمريكيين يريدون فرضها على الصين ويعتقدون أنهم يتحكمون في زمام الأمور، لكن تلك طريقة تفكير خطيرة للغاية".

وتزايد استخدام مصطلح "الحرب الباردة" في الساحات السياسية خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعًا جزئيًا بخطب كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، والتي أدت إلى سلسلة من الإجراءات العقابية التي تستهدف الشركات والأفراد في الصين.

واستشهدت الصحيفة الصينية بما ذكرته مجلة نيويوركر الأمريكية، في تحليل لخطاب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 23 يوليو في مكتبة نيكسون الرئاسية في كاليفورنيا، عندما قالت إن بومبيو "تحدث بغضب عن تواصل نيكسون مع الصين قبل نصف قرن، وقال إنَّ هذا التواصل فشل تمامًا، وعلى الحلفاء إنشاء تحالف جديد شبيه بحلف شمال الأطلسي لمواجهة الجمهورية الشعبية الصينية... لقد أعلنتْ حربًا باردة جديدة".

وفي يوم الجمعة الماضي، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- الذي شكا منذ فترة طويلة مما تتعرض له الولايات المتحدة من "سرقة" في تعاملاتها مع الصين- أوامر تنفيذية لحظر اثنين من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي الصينية الشهيرة: تيك توك ووي شات.

ونقلت وكالة أسوشيتيد برس عن ستيفن ويبر مدير هيئة التدريس بجامعة كاليفورنيا بيركلي ومركز الأمن الإلكتروني، قوله: "هذا توسع كبير جدًا وسريع للغاية للحرب الباردة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين".

وحاول ساكس في ظهوره التلفزيوني، التحدث عما يعتقده بأن الصين تريده حقًا أن تعيش حياة طبيعية، تمامًا مثل الأمريكيين.

وقال ساكس للمشاهدين في المقابلة التلفزيونية "ما يقوله الناس عن الصين بصراحة دليل على الغباء"، مضيفًا أن الكثيرين لديهم "صورة غريبة" عن الصين باعتبارها "وحشًا شموليًا للسيطرة على العالم... وهذا هو التفكير الأمريكي الكسول غير العادي في الماضي".

وأوضح أن الصين لا تسعى للسيطرة على العالم، وأن الصين "لا تفعل كل هذه الفظاعات"، فهي دولة تريد أن "تعيش حياة طبيعية كريمة مثلما يريد الأمريكيون". وأضاف ساكس أن مستوى المعيشة في الصين "يشبه إلى حد ما الثلث أو الربع أو حتى خمس" ما لدى الأمريكيين. وتابع القول: "الصينيون يريدون مكانهم تحت الشمس، وهذا لا يعني أنهم يستولون على العالم". وأضاف أن الأفكار المضللة التي يتبناها الحزبان (الجمهوري والديمقراطي) يمكن أن تفاقم خطورة الوضع مستقبلاً.

وأشار ساكس إلى أن السياسة في الولايات المتحدة "رياضة خطيرة للغاية"، وليست مجرد لعبة صعبة. وقال: "التلاعب بالحقائق والأكاذيب التي نقولها عن الصين الآن، له عواقب".

وساكس ليس الصوت الوحيد الذي يدعو لرفض الحرب الباردة. فقد قال جوزيف ناي العميد السابق لكلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، إن القياس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لا يتطابق مع الواقع. وأضاف ناي في منتدى افتراضي في مدينة أسبن بولاية كولورادو الأسبوع الماضي "أعتقد أن تشبيه الحرب الباردة لا معنى له". وأضاف "يجب أن ننزع من أذهاننا المقارنات التاريخية، سواء كانت الحرب البيلوبونيزية أو الحرب الباردة، وندرك أن أجندة السياسة العالمية تتغير". والحرب البيلوبونيزية حرب يونانية قديمة اندلعت ضد الاتحاد البيلوبونيزي بقيادة أسبرطة.

وتابع ناي بالقول إنه في الحرب الباردة السابقة، لم يكن للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي أي اتصال تجاري أو اجتماعي مع بعضهما البعض، لكن الولايات المتحدة لديها "الكثير" من التجارة مع الصين، وهناك ما يقرب من 370 ألف طالب صيني في الولايات المتحدة.

وفي حلقة نقاش أخرى في نفس المنتدى، وصف ناي العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بأنها "تنافس تعاوني"، مضيفًا: "لديك بعض القضايا مثل تغير المناخ والأوبئة حيث لا يمكننا فعل أي شيء ما لم نتعاون مع الصين".

ورفض الدبلوماسيون الصينيون علانية فكرة الحرب الباردة الجديدة. وقال السفير الصيني لدى الولايات المتحدة كوي تيانكاي متحدثًا أيضًا في منتدى أسبن، إن الحرب الباردة تاريخيًا لم تخدم المصالح الحقيقية لأي طرف. وأضاف "نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين. لماذا يجب أن نكرر ما حدث في القرن الماضي عندما نواجه العديد من التحديات الجديدة والتحديات العالمية؟ لا أعتقد أن الحرب الباردة الجديدة سوف تخدم مصالح أي شخص أو ستوفر لنا أي حل للمشكلة".

تعليق عبر الفيس بوك