3 كتب ترصد اختزال الحزب الجمهوري في شخص ترامب ومعارك السياسة الأمريكية

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أعدَّتْ صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكة تقريرًا حول 3 كتب مُهمَّة، تتناول عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ألَّفهَا 3 كتاب مُختلفي التوجُّهات والمشارب، لكنهم اتفقوا على الشخصية المحورية لأعمالهم، وهو ترامب.

أغلفة كتب (2).jpg
 

الكتابُ الأوَّل يأتي بعنوان "الرئيس المدافع.. معركة دونالد ترامب من أجل السلطة الرئاسية"، وهو من تأليف جون يو الباحث الدستوري الشهير، والذي يُثير قضية مثيرة للجدل تتعلق بمزاعم تعطيل دونالد ترامب للقواعد والمعايير الدستورية؛ فمن وجهة نظره دونالد ترامب لا يمزق الدستور، بل هو المدافع الأكبر عنه. يو -الذي لم يدعم ترامب في ترشحه لمنصب الرئيس عام 2016- يخلص الآن إلى أن "حملات ترامب تشبه حملات الشعبوية". وتوضح هذه الأطروحة المكثفة عدد الإجراءات التي يمكن تبريرها من قبل مؤيدي السلطة التنفيذية الموحدة، وهي نظرية في القانون الدستوري تدَّعي أن الرؤساء يسيطرون على السلطة التنفيذية بأكملها، ولديهم سلطات غير خاضعة للرقابة تقريبًا في مجال الأمن القومي. وباستخدام هذا الإطار التحليلي، يُمكن للمؤلف إضفاء الشرعية على كلِّ خُطوة نفذها ترامب تقريبًا. ويرى المؤلف أنَّ توظيف الرئيس للسياسة الخارجية بطريقة وقحة من أجل مصلحته الذاتية فيما يتعلق بأوكرانيا يحمل معاني دستورية، لكن ما بال بناء جدار الحماية الرقيق الورقي الذي يفصل شركته العقارية العالمية عن سلطته السياسية؟

وفي كثيرٍ من الأحيان بين صفحات الكتاب، تتلاشَى قشرة يو الأكاديمية. ففي نفس الوقت الذي ينتقد فيه المعارضة الديمقراطية لترشيح بريت كافانو للمحكمة العليا، فإنه يُعبِّر عن فرحته برفض السناتور ميتش ماكونيل النظر في مرشح الرئيس أوباما للمحكمة العليا ميريك جارلاند.

كان يو أكثر إقناعاً عندما يُجادل بأنَّ الكونجرس كان مُتَواطِئاً في توسيع السلطة الرئاسية. صحيح أن الاعتبارات الحزبية دفعت الجمهوريين في الكونجرس إلى دعم ترامب لاستعراض عضلاته، بينما كان الديمقراطيون يخشون في كثير من الأحيان اتخاذ مواقف أكثر صرامة ضد هذه الإدارة الجامحة.

ويوضِّح يو أنَّه عندما يقبل المرء نظرية عن السلطة الرئاسية على أنها عظيمة مثل نظريته، فإن أي شيء تقريبًا -بدءًا من استخدام إدارة جورج دبليو بوش لـ"الاستجواب المعزز" إلى سلوك ترامب المخرب للمؤسسات- يصبح مسموحًا به.

أغلفة كتب (3).jpg
 

أمَّا الكتاب الثاني، فيحمل عنوان "كان علينا توقع ذلك.. من ريجان إلى ترامب: مقعد في الصف الأول لثورة سياسية"، للمؤلف جيرالد إف.سيب، وفي هذا الكتاب يقدم سيب -وهو المراسل المخضرم لصحيفة "وول ستريت جورنال"- تاريخًا لحركة التيار المحافظ من رونالد ريجان إلى دونالد ترامب. وسعيًا لفهم "الترامبية"، بدأ سيب بنقل أجواء حقبة ريجان، متتبعًا التحالف السياسي متعدد الأوجه الذي شكله ريجان في عام 1980، وكذلك الأيديولوجية التي وجهت سنواته في البيت الأبيض.

ويجادل سيب بأنَّ تحالف ريجان ظل على حاله خلال منتصف التسعينيات. وبدأت الأمور في التحول عندما قدم رئيس مجلس النواب نيوت جينجريتش أمريكا إلى أسلوبه الحزبي الحاد، فيقول: "لقد تحول وجه ونبرة القيادة المحافظة من نهج رونالد ريجان المشمس والمتفائل واللطيف إلى الأسلوب الأكثر قسوة وغضبًا والأكثر تشددًا".

لكنَّ المشكلة الحقيقية -بحسب سيب- بدأت عندما حلَّ محل تحالف ريجان، القوى القومية الشعبوية التي استفادت من انعدام الأمن لدى الطبقة الوسطى. وسيطرت الأطراف على السلطة، بدءاً من ترشيح نائب الرئيس لحاكم ألاسكا سارة بالين في عام 2008، والانتقال إلى انتصارات حزب الشاي في انتخابات التجديد النصفي للعام 2010.

وتاريخ سيب يعكس وجهة نظر حركة "لا ترامب مطلقا" (#NeverTrump), وإذا كانت أصول التيار المحافظ نقية نسبيًّا، فيمكن أن تكون هناك نسخة من الرؤى الجمهورية التي لا تتسامح مع قيام رئيس بنشر مقاطع فيديو لأحد المؤيدين وهو يصرخ "القوة البيضاء!" على المتظاهرين.

لكن سيب يقلل من أهمية ما كان هناك طوال الوقت، ويعزو قرار إثارة رد فعل عنيف على الأقل إلى حملة "القانون والنظام" التي قادها ريتشارد نيكسون عام 1968. وكان دور الشعبوية الرجعية، بما في ذلك النزعة الوطنية ومعاداة السامية، ذات صلة دائمًا، حتى لو استخدم السياسيون السابقون صافرات الكلاب بدلاً من مكبرات الصوت. ويرى المؤلف أنَّ دونالد ترامب يبدو منطقيًّا في أفعاله بسبب تاريخ الحزب الجمهوري، وليس على الرغم من ذلك.

أغلفة كتب (1).jpg
 

أمَّا المؤلف ستيوارت ستيفنز، فقد اختار عنوان "كل هذا كان كذبة.. كيف أصبح الحزب الجمهوري انعاكسا لدونالد ترامب"، ويعترف ستيفنز -وهو مستشار سياسي سابق- بأنه لا شيء جديدا تحت شمس الجمهوريين. وفي هذا الكتاب، يقرُّ ستيفنز أمام القارئ بأنَّ جهاز حزبه الجمهوري بأكمله مبنيٌّ على مجموعة من الأكاذيب. ويكتب أن الرئيس ترامب ليس سوى "نتاج غريب للنظام"، لكنه "نتيجة منطقية لما أصبح عليه الحزب الجمهوري على مدار الخمسين عامًا الماضية أو نحو ذلك".

ويتحدَّث ستيفنز بوضوح أيضا عن العنصرية، وكيف استفاد نشطاء الحزب من استياء البيض لعقود، عندما اعترف لي أتواتر في العام 1981 بأنَّ الجمهوريين كانوا يستخدمون كلمات رمزية لمواصلة الحديث عن العرق. ولم يهتم الجمهوريون أبدًا بالميزانيات المتوازنة، ما لم يكن هناك ديمقراطيٌّ في البيت الأبيض. ويوضح ستيفنز أن "حزب لينكولن" مدين الآن بالفضل لشبكة دعاية شبكة فوكس نيوز الإخبارية واللوبيات القوية. ويقول ستيفنز إنَّ حزبه المتعطش للسلطة مُستعد للتضحية بنزاهة المؤسسات الديمقراطية الحيوية، لتحقيق مآربه.

وعلى الرغم من أنَّ هذا الكتاب سيكون من الصعب قراءته من قبل أي شخصية محافظة ملتزمة، إلا أنَّ كل من يقرؤه سيحسن صنعا إذا تأمل فيه. ويرى المؤلف أنَّ دونالد ترامب لم "يستولى" على الحزب الجمهوري الحديث، لكنه بدلا من ذلك، أوجد ذلك الحزب. وبغض النظر عمَّا سيحدث في انتخابات نوفمبر المقبل، فلن يبدو الأمر مُختلفًا تمامًا ما لم تكن هناك تغييرات جوهرية في الائتلاف الذي صعد بالتيار المحافظ إلى سدة السلطة منذ عام 1980.

تعليق عبر الفيس بوك