المعتصم البوسعيدي
قادمٌ بصوتِ النَّهضةِ يُنادي.. حلمهُ إنسانٌ يعزفُ أناشيد كُتبت من مزيجِ الأيادي.. يرقصُ القمر السعيد بضوءِ الوجود نحو عُلا البلادِ.. مرت الخمسونَ عاماً وهو راحلٌ.. صوته تمادى من الثرى إلى الثُريا في أُفقِ الخلود.. تحملهُ نوارس الحُب السرمدي.. تقذفهُ أمواج البحرِ أصداف ذِكرى، ورمالٌ ذهبيةٌ تنسجٌ الدرب المخملي.. يا لهذا الجمال؛ زهرةُ السُلطان قابوس.. واحة الصحراء الأصيلة، تاج بُستان البوادي، والمدينة.. المدينة.. جبلُ المشكاة الحارس، مُصباح نور الله المُضيء في إيماني واعتقادي، وإرثٌ خالدٌ أدركه الآباء والأجدادِ، عاشه الأبناء، وسيبقى للأحفادِ.
إنَّ الكتابة في يومِ الثالث والعشرين المجيد بعد "الأسبابِ التي تعلمونها" تشكلُ حالة استثنائية تمتزجُ فيها العواطف، صانعة إحساساً لا يُمكنُ وصفه. لذا حين قررتُ أن أضعَ حروفي ــ على تواضعها ــ في قالبٍ أسعى أن يكون جديراً بالقراءة؛ تلقت أُذناي نَشِيد الأُمنيات، وصدى يترددُ في القلبِ كأحلامِ يقظة تمنيتُ سيرورتها اللحظية في كُلِ آن؛ حتامَ أعيشُ فرحة الأفئدة ونشوة التجلي المُستفزة لبدءِ مرحلة البناء الإنساني العظيم، المُستمدةُ من روحِ "الأسلاف"، فهُنا الحضارة العُمانية التي أصبحت مصيراً ومسيرًا.
لقد برهنَ العُمانيونَ صِدق رسالتهم الفُضلى عبرَ كُلِ الأمكنةِ والأزمنةِ المُختلفة، وحين ظنَّ كثيرون ــ و"إنَّ بَعْضَ الظَّنَّ إثْمٌ" ــ بتفكُككِ الوحدة، وتمزق الصف، وتصدع الجدار، برزت الحكمة المُستنيرة في توسمِ شيخٌ عارف "صادفَ أهله"، فانبرى الهيثم ترياق نهضة مُتجددة، ووفاء بصيرة نافِذة، وخنجرٌ مُصاغٌ للنقيضين؛ فمن صدقنا وصادقنا فليطمئن ومحلهُ الروح من الجسدِ، لهُ ما لنا وعليه ما علينا، ومن عوى باغياً ساعياً بالحقدِ والكراهية فسيموت كمداً وغيظا، على رقبتهِ نغرسُ النِصال، وتُلف الحِبال، والله بصيرٌ نصير.
يقفُ يوليو على عتبةِ التاريخ صادحاً بالأُمنيات نَشِيدٌ يُشنف الأذان، ويُمسكُ بتلابيبِ الطموحاتِ في صهوةِ المجدِ إلى ذُرى الحقيقةِ بليغة البيان، وحينَ يترجلُ الطود الأشم فثمة طود أشم آخر يقودُ السرج ويروضُ الصِعاب، فالغاية واحدة والمصيرُ مُشترك، وذلكَ على ما يبدو قدر يوليو كما أرادهُ الله عزَّ وجل للعُمانيين.
في هذا المقام أو المقال سأسمح لنفسي أن أطلبُ أُمنياتٍ رياضية وطنية مؤجلة، هاربةٌ من صفحة الزمن البعيد والقريب. أُمنياتٌ يُعززها يوليو المجيد بملامحِ الأمل في عهدِ الرؤية والتطوير؛ فالجوقة القديمة حانَ وقت استراحتِها، والغدُ ناظره باتَ قريباً غير بعيد، ومن رحِمِ الواقع الرياضي النشاز نرجو أن نسمع على منصاتِ صفوةِ البطولات نَشِيدنا الأسمى وأُمنياتنا الأعلى "فارتقي هام السماء، واملئي الكونَ الضياء، واسعدي وانعمي بالرخاء".