"جارديان": إقرار 1.8 تريليون يورو لتعافي منطقة اليورو "تكامل اقتصادي تاريخي"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

بعد أربعة أيام وليال من المفاوضات الشاقة، اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على حزمة مالية بقيمة 1.8 تريليون يورو (1.6 تريليون جنيه إسترليني)، تتضمن خطة انعاش اقتصادي بقيمة 750 مليار يورو، تهدف لإخراج الكتلة من أسوأ ركود في تاريخها، بجانب الموافقة على ميزانية 1.074 تريليون يورو للسنة المالية الجديدة.

لكن ما الجديد في هذه الصفقة؟

بحسب ما نشرته صحيفة ذا جارديان البريطانية، فإن تمويل خطة التعافي من أزمة فيروس كورونا بقيمة 750 مليار يورو، يدفع المفوضية الأوروبية إلى الاقتراض من الأسواق المالية على نطاق غير مسبوق، وهي خطوة تعكس تكاملا أعمق وصفه المراقبون بأنه "تاريخي". ولسداد الديون للمستثمرين، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على فرض ضرائب مشتركة جديدة، بما في ذلك ضريبة البلاستيك التي سيتم تطبيقها بحلول 2021. وقد طُلب من اللجنة، التي تضع قانون الاتحاد الأوروبي، اقتراح ضريبة على الواردات الملوثة من الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ضريبة رقمية. لكن الموافقة على هذه الضرائب لن تكون سهلة، لذلك ليس ثمة يقين حول كيفية سداد الاتحاد الأوروبي لديونه.

لماذا كثُر الجدل حول الحزمة؟

لدى الاتحاد الأوروبي تقليد طويل في الجدل حول الإجراءات المالية في مؤتمرات القمة، والذي يستمر غالبا لوقت متأخر من الليل، لكن المجلس الأوروبي الأخير -الأطول منذ 20 عامًا- كان مُعقداً بشكل خاص؛ لأنه أثار صراعات عميقة حول القيم الاقتصادية والسياسية. واتهمت بعض دول شمال القارة منذ فترة طويلة دول الجنوب بالفشل في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لحماية اقتصاداتها من الأزمات.

واتهمت إيطاليا وإسبانيا، وهما من بين الأكثر تضررا من الفيروس التاجي، دول الشمال بتعريض مشروع الاتحاد الأوروبي للخطر من خلال عدم إظهار التضامن في جائحة ليست من صنعهم.

وتشعر أوروبا الغربية بالقلق بشأن ما يعتبره القادة هناك "معايير ديمقراطية منزلقة" في المجر وبولندا؛ حيث تتخذ هذه الحكومات خطوات لتقييد استقلالية القضاء. وتقول الدول الأعضاء "القديمة" في الاتحاد الأوروبي إنه لا ينبغي لأي بلد أن يحصل على أموال الاتحاد الأوروبي دون إظهار احترام للقيم الديمقراطية الأساسية. وتقول المجر وبولندا إنهما لم ترتكبا أي خطأ، متهمة الغربيين بالتعسف.

ما هي النقاط الشائكة؟

أكبر عائق في حجم المنح (التحويلات المالية) للبلدان الأكثر تضررا من فيروس كورونا. واقترحت فرنسا وألمانيا منحًا بقيمة 500 مليار يورو، لكن مجموعة من 4 دول شمال أوروبا -المعروفة بدول التوفير- خاضت في المحادثات وأصرت على أن القروض فقط هي التي ينبغي أن تمول الانتعاش من الفيروس التاجي. وتمت تسوية اتفاق نهائي على قروض بقيمة 360 مليار يورو ومنح بقيمة 390 مليار يورو.

واشتبك الزعماء بشأن السيطرة على الأموال، واتفقوا في نهاية المطاف على "مكابح طوارئ" تسمح لحكومة ما بإصدار تحذير في قمة الاتحاد الأوروبي، إذا اعتبرت أن الدولة متلقية أموال الانتعاش تفشل في تنفيذ الإصلاحات الموعودة.

الرابحون والخاسرون!

تعين على الجميع تقديم تنازلات، فكان على فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا قبول منح استرداد أقل سخاء مما أرادوا، وقدمت الدول الأربع: النمسا والدنمارك وهولندا والسويد امتيازًا كبيرًا من خلال الموافقة على المنح بدون شروط من جانبهم. ولتشجيع التسوية، ضمنت الدول الأربع جميع الزيادات في خصومات ميزانية الاتحاد الأوروبي، مما يعني خصمًا أكبر على مساهماتهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي.

ويمكن القول إن المجر وبولندا تبرزان كأكبر الفائزين، حيث نجحت هاتان الحكومتان -اللتان يتم التحقيق معهما من قبل الاتحاد الأوروبي بتهمة تقويض السلطة القضائية المستقلة- في ربط أموال الاتحاد الأوروبي بسيادة القانون. واتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تقديم اقتراح في يوم آخر.

هل هذا وعد بالانتعاش الأخضر؟

سيتم توجيه ما يقرب من ثلث (30%) الميزانية وخطة الإنعاش نحو هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول العام 2050. وقد اشتكى المدافعون عن البيئة سابقًا من نقص التفاصيل، مدعين أن الصناعات الملوثة، مثل الطيران، سيظل بإمكانها الوصول إلى أموال التحفيز.

وفي انتصار جزئي، ستظل بولندا قادرة على الوصول إلى نصف الأموال المتاحة في صندوق التحول الأخضر دون التوقيع على تعهد الاتحاد الأوروبي بـ"صفر انبعاثات" بحلول 2050.

تعليق عبر الفيس بوك