دِبا.. والأقدار!

 

راشد بن محمد الشحي

استودعتك ربي ديني ودنياي ووطني وأهلي وكل مُحب وعزيز كان له فضل وبصمة وأثر من بعد فضل ربي ذي الملكوت.. الفقد شيء عظيم رغم قناعاتنا نحوه بأنه سنة إلاهية حيث لامنازع في ملكوت الله وأقدارنا بيده جل جلاله يصرفها كيفما يشاء.

سبحان الله بأيام قلائل متتابعة أصبح الفقد سمة وخبراً غالباً في دبا الولاية الحالمة على ضفاف بحر عُمان في أقصى جنوب محافظة مسندم، وبولاية تتميز بالترابط الاجتماعي والقواسم المشتركة يكون الفقد عامًا وشاملاً والألم والأسى طال ويطال الجميع. فمنذ فقدت دبا ابنها فايز الشحي الذي خرج للجبل ولم يعُد حتى ساعته رغم الجهود الأهلية والحكومية والتنسيقية حوله، توالت الأحداث سجالا انتهى إلى الشعور بالفقد والوجع، والأكثر إيلاماً فقد الولاية لفلذة كبدها سيف الشحي الذي خرج في ذلك اليوم قبل 3 أسابيع للجبل ذاته الذي كان يشكل مصدر سعادته في مرباه، متنقلاً به بين أغنامه وما حوى من أرزاق وخيرات من نعم رب العالمين، وأهمها الموسم الوفير للعسل بعد فصل شتاء ماطر جاد بالخير هذا العام.

شاءت الأقدار أن يُعامل كمُتسلل وخارج عن القانون ليلقى قدره المحتوم الذي لم يخطئه على تخوم الولاية وتحديدا مرباه ومربى أجداد ولايته الكرام وعموم قبائل الشحوح الذين سطر لهم التاريخ أرقا وعرقا ودما للعزة والإكبار في الموقع ذاته. لكن ليتعارض مع نواميس الحياة الطبيعية المعتادة ليأتي الجزاء مخالفاً لجنس العمل.

الفقد الثالث فاجعة دبا بخبر الوفاة الذي تلقته يوم الأحد قبل منتصف الليل بتاريخ 5 يوليو الجاري، والذي تمَّ تداوله في مجموعات التواصل كالنار في الهشيم وجاء مفاده وفاة طبيب عام مستشفى دبا المخضرم: عاصف علي وهو هندي الجنسية خدم الولاية خلال الأربعة عقود الماضية، وحمل على عاتقه هو وزوجته "قدسية" هم النهوض بالقطاع الصحي منذ توليهما مهامهما الوظيفية في منتصف عام 1970 من النهضة المُباركة، وكان لهما أثر طيب وعلاقات مميزة مع أهالي الولاية بل شاع صيتهما في الجوار وأصبحت خدمات المستشفى ولا زالت للقاصي والداني بدون أدنى تمييز يذكر. تربى وترعرع تحت يديهما جيلان من أبناء الولاية بل لحق بهما جيل ثالث قبل انتهاء عقدهما وعودتهما للهند يحملان العاطفة والحب والتقدير لعُمان ودبا وأهلها خاصة، ونال الدكتور في حياته العملية وسام تقدير لخدماته الجليلة وتفانيه في أداء مهام عمله من لدن جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-.

ربي لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه، وأن ترحمنا برجوع فقيدنا فائز سالماً معافى من كل مكروه، وأن تكرمنا بالتعجيل لإكرام ابننا سيف ومواراته التراب، وأن تجبر مصيبتنا بالدكتور وجميع من فقدناهم، ولك العزاء يا الجبل الأشم وجميع سفوحك لفقد أبنائك وتبقى على الدوام مصدر عزتنا وكرامتنا كما كنت منذ قديم الأزل.

تعليق عبر الفيس بوك