غابات ظفار تستغيث

زين بن حسين الحداد

الغطاء النباتي هو أحد أهم مكونات الحياة في هذا العالم، وعنصر مهم في حفظ التوازن البيئي؛ حيث يُعتبر المصدر الرئيسي للأكسجين، والمعالج الأول للتخلص من ثاني أكسيد الكربون، وهو أيضا مصدر دواء وغذاء للإنسان والحيوان، وله منافع أخرى كثيرة، ولن يتمكن أي كائن حي من العيش على كوكب الأرض دون وجود النباتات والأشجار.

خلال الثلاثين عامًا الماضية، عانتْ غابات ظفار من انحسار أجزاء كبيرة من مساحاتها، والتي كانت تحتوي على أكثر من 700 نوع من النباتات منها النادر، وتشير الدراسات إلى فقدان 90% من مساحة تلك الغابات؛ مما أدى إلى انقراض عدد من أنواع الأشجار وتهديد أنواع أخرى قد تختفي في السنوات المقبلة إذا لم تُتخذ خطوات جريئة لإصلاح وإنقاذ ما يُمكن إصلاحه، ولن ينتهي الأمر عند هذا، بل سيكون سببا في تدمير الحياة الفطرية بجميع أشكالها؛ وبذلك يتضرر الإنسان والحيوان، وسيؤثر على الجانب الاقتصادي والسياحي وغيرهما من جوانب الحياة.

وللغابات إمكانيات وقدرات محدودة في الصمود أمام التحديات التي تواجهها في مسيرتها، وهي تتآكل وتتناقص لعدة أسباب دون وجود حلول حقيقية وواضحة تساعد على تعويض ما تم فقدانه سنويا، وتؤكد الدراسات أنَّ مساحة الغطاء الرعوي تقل بنسبة 5% في كل عام، ومن أهم أسباب التصحر الرعي الجائر وزيادة أعداد المواشي التي لا تكفيها أعداد الأشجار، خصوصا التي تمتلك مهارة إعدام الاشجار بأكل جذورها ولحائها، وهناك أسباب أخرى كثيرة أسهمت في انحسار الغطاء النباتي؛ منها: التوسع العمراني، والاحتطاب، وعبور السيارات على المسطحات الخضراء، وبعض الحشرات الضارة، وعدم الاهتمام بالأشجار... وغيرها من المُسبِّبات.

أتمنى أن لا نتأخر أكثر من ذلك، ولا أخفي قلقي من أنْ نستيقظ يومًا ما بلا غابات، وتكون تلك الأشجار مجرد تاريخ وصور أرشيفية، ولا شك أنَّ إنقاذ الغطاء الغابوي وإيقاف الانحسار المتواصل واجب وطني وديني، ولن ينجح إلا بتضافر جهود جميع الجهات الرسمية والمجتمعية، ووجود رغبة وإرادة في تحقيق نتائج ملموسة وإعادة تفعيل خطط وتوصيات الندوات السابقة، وعلى الجهات المعنية التحرُّك سريعا لإيجاد حلول واقعية ومدروسة، وإطلاق حملات وطنية، وتمكين الفرق التطوعية والأندية والمدارس من المساهمة في إنجاح مشروع تشجير ظفار، وإحياء الغطاء النباتي؛ لتبقى عُمان جميلة كما هي دومًا.

تعليق عبر الفيس بوك