قراءة في مدرسة السلطان هيثم بن طارق

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

بفَضْل من الله العلي القدير، ومنذ العام 1970 وإلى اليوم الذي نعيش فيه، فإنَّ الخالق -جلت قدرته- يغدق على عُمان من نعمه الواسعة ما يجعل للأيام أملا وسعادة وخيرًا، إن أفضل ما يكون في بناء الأمم هو التواصل في روح وفكر وتوجُّه ذلك البناء، بل والتعمُّق والدراسة بين ما هو مرغوب وضروري في دعم ذلك الزخم من مسار البناء، وتحييد وتعديل الجوانب الأخرى؛ لما لذلك من مصالح إستراتيجية عُليا على مستوى الوطن، هنا علينا كمتابعين ومراقبين -على هذا الجانب المهم من مسيرة الوطن- أن نُوثِّق ونُوضِّح هذه الجوانب؛ كي تكون متعة المعرفة مسايرة ومحقة فيما يجب علينا معرفته، والاطلاع عليه، ونكون شهوداً على أنفسنا.

هُناك عَلَاقة كبيرة جدًّا بين مشاعر الشعوب وتطلعاتها، وقرارات القادة؛ فأما قرارات القادة فهي ذلك التوازن الدقيق الذي يحتاج إلى جهد غير اعتيادي من محيط كفوء مُدرَّب ومُهيَّأ ومُخْلِص، ومن قائد لديه الحنكة والمقدرة على اختيار التوصيات التي لا يُمكن أن يكون هناك أفضل منها على الإطلاق؛ لكي لا تدع أي فرصة للنقد، أو المزايدة عليها، وهناك من الأمثلة حول العالم حين يكون توازن الفكر والتوجه نحو طموح وأماني وأفكار تُهمِّش فكرَ المنتمين للأوطان، وتجعل أمانيهم وطموحاتهم الأبعد، ويضفوا إليها أولويات بعيدة عن اهتمام ومصالح المواطنين.

... إنَّ المدرسة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تتجلَّى بوضوح؛ حيث إنَّ أولويته لأبنائه، وأنهم الهدف الأقرب والأول والأهم من كل شيء، ودائماً ما يكون القادة وعند بداية مسيرتهم يستطيع من يُحب قراءة الفكر أنْ يعرف تماماً ذلك التوجه، إنني شخصيًّا وإلى اللحظة لم أستمع أو أقرأ أو أشاهد أي اهتمام بالعالم المحيط أو الخارجي، مع مراعاة أهميته حتمًا، ولم أرَ أيضاً أيَّ قرار يخص أمراً أو حتى مسؤولاً يُعنى بأي علاقة لا ترتبط بداخل عُمان أو بأبناء عُمان، وإنما عكس ذلك أقرأ تناغماً جميلاً بحسٍّ وطنيٍّ عمانيٍّ خَالِص بين الشعب وقائده -حفظه الله.. هذا التناغم الذي يُجزم كل من هو مُطَّلع على أحداث الحياة أن الاهتمام وسعة البال في أي قائد لشعبه هو مسايرة راقية وناجحة في قطف ثمار ذلك النجاح من الجميع ودون أي استثناء.

قد يكون لنا جميعاً وجهات نظر عن الكثير من القرارات، ولكن توجُّه القادة للشعوب هو ذلك الانعكاس الحقيقي لما يُمكن أن نراه من جلالته -أيده الله- يسير بخُطى المُطَّلع والمستمع والمحب لأبنائه.

إنَّ أكثرَ دُرُوس التاريخ عِبْرَة هي تلك المفارقة الكبيرة بين نظرة القائد لطريقة التعايش في المجتمع، وقائد آخر يجعل من البساطة والتقارب فيما بينه وبين شعبه أسلوباً مُحبَّباً ومعتمداً في حياته، وإنَّني على ثقة تامة بأن بعض الأوقات التي خَرَج فيها جلالته بسيارته الشخصية في الطرق العامة دون أي حراسة أو مرافقة أو أي رسميات تُذكر، أن ذلك لم يكن مطلقاً صدفة، بل كانت سجية أب يجعل من المفارقة بينه وبين أبنائه في أقل مستوياتها؛ فمرحباً بك مولاي أبًا تُحبُّنا وقائداً نفتخر بك ونُعِزُّك، وبهذه اللحمة بين القائد والشعب سنستمر في بناء عُمان، وسنهزم بأمر الله كلَّ تحدٍّ يمر بنا مهما كان صعباً؛ لأنَّ التاريخ أيضاً لم يُوثِّق أنَّ أي أمة مُتماسكة مُترفِعة مُحِبَّة لقيادتها هُزِمت في التاريخ، فإذا كان التاريخ والشموخ والخيرات والقيادة الفذة هي في جانب احتساب المعطيات فلنهنئ أنفسنا بالمستقبل المشرق بإذن الله، ولنفتخر بالأب القائد جلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى -أيَّده الله.

تعليق عبر الفيس بوك