وداعًا عند زوال الشمس

عائض الأحمد

قد تشعر بالحسرة والندم وتكتئب قليلًا أو كثيرًا، لا يهم تدمع عيناك، تحترق أطرافك، تتصبب ألماً، وتتساءل لماذا؟

فتجد الجواب أسرع من لحظات تفكير، ومن قال لك: أن تصمت، وهل نحن من طلب منك ذلك؟ لماذا تشعرنا بفضلك علينا وتضحياتك المتوالية وكأنها سيف تسلطه على رقابنا في كل وقت؟ هذا ما يجب عليك القيام به فلا تبتز مشاعرنا، فنحن نعي ما تقوم به وليس بجديد يقال أو قديم يُروى.

أو تظن أنَّ نبني لك تمثالًا من الشمع ونجعله رمزًا لك نستنير به في أوقات الظلمة على أمل ذكراك وأعمالك وتضحياتك! أم تظن أننا سنقف نردد تراتيل الولاء والطاعة وذكر محاسنك!.

هيا أيها الرجل.. فهذا أقل ما يجب عليك فعله ولو لم تكن كذلك للفظتك العادات واحتقرتك التقاليد، وصرخت النساء: "أي الرجال أنت"، أما كان أحوج أن ترمي هذا القناع وتتلقى السهام بصدرك العاري ونبضات قلبك المنفطر بين ألم العتاب وغدر من ظننت أنهم الأحباب.

السلوك الإنساني وجحود ذوي القربى لن تصنفه ألمًا أو جرحًا، فهو أعمق بكثير من ظاهره العابر.

أسوأ لحظاته عندما يتملكك الصمت ورجفة العبرة دهشة وخوفًا، تتسع فيها نظرتك ثم تخبو خلف حزن عميق يصل إلى أعماقك فيتوسد أرقها ثم ينتقل إلى ناظريك فيجعل الأرض قاتمة لا ترى فيها غير ضحكات الاستهزاء وتعالي الأصوات: "من قال لك أن تكون هنا".

ليس بعد اليوم أيها الرجل العجوز فأنت تثبت لنا مقدار ما تتمتع به من عجز وتطلب المستحيل بين أطماع قذرة وأرباح باطلة لا تأتي إلا بما هو شاذ في ظاهره ورجس في التعاطي معه.

اجمع متاعك واذهب بعيدًا، فليس الزمان زمانك، ولن يكون المكان ذا قيمة بعد الآن؛ فالقصور والقفار الجرداء تتساوى عندما نفقد الإحساس وتعمى الأبصار.

 

أسوأ النَّاس أقلهم شكرًا وأكثرهم تأففًا وتمللًا، لديهم اعتقاد بأنَّ الكل يساوي واحدا أي غباء هذا؟! سلب عقولهم وجعل الواحد جماعة.

فزوال الشمس لا يعني اقتراب أفولها، هي ذاهبة إلى منطقة أخرى بحاجتها أكثر من بقائها، فوداعًا أحبتي لم تعد مشاعري تقبل الرهان أو القسمة أو وقت الزوال.

*************

ومضة:

يظهر لك السماحة قولا ويخفيها عملا.. هو السوء؛ فاحذره وذكِّر به.

يقول الأحمد: جمال مظهرك تعطره ابتسامة.