عائض الأحمد
الفقر.. وما أدراك ما الفقر، نتداوله في أحاديثنا، ونتساءل من هو الفقير؟ وهل بيننا فقراء؟ وما هو التعريف الحقيقي الذي يتفق عليه الفقراء أنفسهم للتعريف بحالهم وبما يشعرون به، وليس بما تراه أنت بعينيك الواسعتين الممتلئتين حبًّا وحنانًا وشفقة؟
ثم تُرسل مستشاريك لحيهم لتوفر المال لمشاريعك المكلفة وخططك الإستراتيجية الناجعة على أكتاف فقرائهم، وقناعتهم بالقليل مقابل الكثير الذي تبخل بجزء منه وقت حاجتهم لك.
إذن من هو الفقير؟
لن نتفق على تعريفه أو توصيفه، وربما يختلف من زمان إلى زمان ومن ساعة إلى ساعة ومن مكان لآخر؛ فما كان يظنه أسلافنا غنىً يصنفه أبناؤنا الآن فقرًا، -وأي فقر- وهكذا تدور الدوائر وتتغير المفاهيم، فمنهم من يستنجد مستشهدًا بطوابير الفقراء في سويسرا، وكأنه يقول ما أجمل فقرنا فهو أفضل حال من غيرنا، الفرق فقط هو النظام عندهم والعشوائية عندنا، ففقراؤنا جُبِلوا على تجاوز النظام.
ولكم عبرة يا أولي الأبصار.
حينما نعجز عن مجاراة الغير، نبحث عن أسوأ ما لديهم ونضرب به المثل، وحينما يحدث العكس ينبري خبراء الجاهة، وأصحاب الأقلام المكسورة المرتجفة، ويضعون أمامك عشرات الأسباب وكأن هذا الإنسان هنا لا يشبه ذاك.
لم يكن ولن يكون الفقر عيبًا أو وصمة عار، العيب كل العيب أن تعيش طفيليًّا تنتظر هبات الناس وعطفهم ونظرات الشفقة في أعينهم لتتكسب بها دون جهد منك أو تعب أو عمل.
يتساقط هؤلاء الناس المنسيين وتمضى الحياة لن يتوقف عند ذلك أحد ثم يأتي يوم سقوط سيدهم فتسمع أهات ألالم وتعلو صيحات الفراق رحل سيد عصرة وسابق أوانه الفرق حفنة دراهم معدودة كانت تحمل ذهابا وعودة على سواعد أحدهم ثم رحل دون ضجيج او بكائيات.
خلقنا الله مختلفي الألوان والقدرات والألسن، وجعل منا الفقير والغني، ولو شاء لجعلنا طبقة واحدة، ولكنه علَّمنا الأخلاق وجعلنا في هذه فقط سواسية لا فرق بين أحد من خلقه.
فعجبا لمن كان قبل سنوات معدودة يتوسل قدره وبعد أن شعر بسطوته الزائفة ودعم جوقته المتنفعة يسقط على أبناء جلدته وسكان حيه وأهل دارة وجوارة لمجرد ظهور رخيص ستطويه الأيام ويظل بقعة سوداء لن تزول بزوال قائلها وفرقته المطبلة، ليس حبًّا وقناعة، وإنما نكاية ومناكفة.
*******************
ومضة:
عندما تكتب من أجل من تحب فأنت ترسم لوحتك المفضلة، وعندما تكتب من أجلهم فأنت تنحت في صخر؛ فكن أنت أولًا.
يقول الأحمد: الحياة سطرين.. اكتب أيهما تشاء ودع الآخر يعلق كما يحلو له.