العمل عن بُعد.. مدخل نحو المستقبل الذكي

 

سعاد بنت سرور البلوشية

Balushisuad84@gmail.com

تشهد السلطنة، لأول مرة، وعلى نحو يتوافق مع مختلف التغييرات التي ترافق انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) في مختلف أنحاء العالم، تطبيقَ نظام العمل عن بُعد لمعظم موظفي الدولة من العاملين في مختلف القطاعات، وكذلك شهدت السلطنة قبل ذلك تطبيق نظام التفرغ الجزئي أو العمل عن بُعد لفترة من الوقت أو وفقا للظروف على مجموعة أخرى من الموظفين، وفيها يقوم الموظفون بإتمام واجباتهم الوظيفية خارج مكان العمل المتعارف عليه.

ولقد تضمَّنت هذه التجربة الفريدة من نوعها قيام الموظفين بخوض غمار العمل من المنزل ليس ليوم أو أكثر أو لأيام معدودات في الشهر وإنما لعدة أشهر، لإنجاز ما أنيط إليهم من أعمال وفق جدول محدد، وذلك بمختلف مستوياتهم الوظيفية ومغادرة مكاتبهم ومواقع عملهم التي تعودوا عليها.

وحيث لا يمكن أداء جميع الأعمال من المنزل، تناولت بعض الدراسات السابقة ماهية العمل عن بُعد والعوامل التي أسفرت عن نجاحه، مع الأخذ بعين الاعتبار الأسباب التي دفعت للعمل عن بُعد، وإن كان ثمة نية وتخطيط مسبق لتنفيذ هذه الخطوة، وهل جميع الموظفين بلا استثناء على دراية وإلمام بماهية العمل عن بُعد؟ وطريقة الاستفادة من التقنية لساعات معينة في فصل التداخل بين وقت العمل والوقت الحر، بعيداً عن الإجراءات التقليدية المتعلقة بأنظمة الحضور والانصراف، والتواجد في المؤسسة طوال الحياة المهنية؟

إنَّ اجتياح فيروس "كورونا" (كوفيد 19) للعالم، وما قدمه من اختبار لقدراتنا على التكيف وتحقيق الاستجابة السريعة بتطبيق التباعد الاجتماعي بشتى أشكاله وأنواعه ومنها مكان العمل، لمواصلة توجيه أهداف وأعمال المؤسسة في المسار المرسوم لها باتباع مختلف السبل، درس جيد ينبغي على حكومتنا الرشيدة إيلاؤه جُل اهتمامها في قادم الأيام، لما يترتب عليه من إيجابيات تتعلق -على سبيل المثال وليس الحصر- بانخفاض حركة المرور، خاصة في المواقع المأهولة بالسكان كمحافظة مسقط، وانخفاض عدد الحوادث المرورية وما يصاحبها من إصابات ووفيات..وغيرها من الخسائر في مختلف الطرقات المحلية، فضلا عن الحدِّ من الغازات والانبعاثات الملوثة للبيئة، وتحقيق الترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه في مؤسسات العمل، وتحقيق اللامركزية في الأنشطة والأعمال، مع زيادة الإنتاجية في كثير من الأحيان.

وحيث إنَّ لكل شيء وجهين، فإنَّ تقوية البنية الأساسية لنظام الاتصالات مطلبٌ أساسيٌّ، ويرغب كل فرد يقيم على هذه الأرض الطيبة في تحقيقها، وتبنِّي تطويرها قد يدفع بقدرات الثروة البشرية الوطنية إلى اللحاق بركب التقدم العالمي، وسد الكثير من الحاجات المرتبطة بنشر ثقافة العمل عن بُعد، مع تغيير في السياسات التنظيمية التي تتبعها المؤسسات بوضع برامج تجريبية واضحة وسريعة لبيئة عمل تتسم بالمرونة والجدية -والاستفادة مثلاً من تطبيقات الواقع الافتراضي- لتكون شاهداً حيًّا على الفوائد الكامنة في التقنية والاتصالات، وما صاحبها من ثورة في المعلومات، في ظل نمو وتعمُّق الارتباط بين المستخدمين والأجهزة الذكية المختلفة.   

* إعلامية متخصصة في الابتكار

تعليق عبر الفيس بوك