ما فات فات!

 

ربيع بن صالح الأغبري

 

أصدرت وزارة التربية والتعليم البيان الذي لطالما ترقبه الطلبة وولاة أمورهم منذ أن حلت جائحة كورونا وتم تعليق الدراسة، وهي الأزمة التي عصفت بكثير من الخطط، وأخرت كثيرًا من المشاريع والبرامج.

وهذا البيان، أوضح وبين مصير أبنائنا الطلبة وبناتنا الطالبات، من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر قد جاء فيه أن ينقل جميع الطلبة إلى الصفوف العليا، مع بعض الاستثناءات والتي صدرت فيها قرارات وزارية،

وقد استبشر الطلبة وولاة أمورهم بما سمعوا من أخبار، ولكن أرى استبشارهم، في غير محله وما هو إلا لفترة وجيزة، يتبعها ندم ومشكلات وأيام عصيبة.

وقد يقول قائل: لماذا هذا التشاؤم؟ لكن في حقيقة الأمر هذا الذي سيقع على المدى البعيد أو القريب، إن لم نسارع في إنقاذ أنفسنا وانتشالها من الزاوية الضيقة التي حشرنا أنفسنا فيها، بعد أن حولنا النعم إلى نقم والتي جلبت علينا المشكلات والويلات، بسوء تقديرنا للأمور وأعني بالنعم، أدوات التواصل الاجتماعي، والطفرة التقنية التي كنَّا نستطيع أن نقطع بها الزمن الطويل في وقت قصير، بل ونكيفها لخدمتنا، وهذا لا يتأتى إلا إذا استغلت الاستغلال الأمثل، وقد أدرك اليوم من أراد أن يدرك، أن هذه الطفرة العلمية والتي أريد منها أن تتقدم بنا إلى الدرجات العلى من العلم والمعرفة، أصبحت سبباً في تخلفنا عن الركب، بعد أن حولناها إلى أدوات لهو ولعب، إذ ترى الشباب منكبين عليها ليل نهار في مجالس الرجال في البيوت والطرقات، في المدارس والجامعات بل وحتى أثناء قيادة المركبات، ولا أبالغ إذا ما قلت في المساجد قبل وبعد إقامة الصلوات.

بالله عليكم أليس هذا هو اللهو واللعب بعينه والذي قادنا إلى التخلف عن الركب والتقدم والتطور المنشود؟

نعم ورب البيت لأنَّ أكبر فائدة أنجزناها هو إتقان اللعب عن بعد، منهم من يدعي أنه ينمي قدراته بلعب الكرة ومنهم من يلعب لعبة، الكر والفر، دون أن يدري أنه يمارس، الوهم، والدمار والذي سيقضي على نشاطه الفكري والبدني، ويقوض آماله وأحلامه ويعيش في عالم الخيال والدليل هو عاجز عن أن يعيش، الواقع، عاجز على أن يتعامل مع أسلحة الصيد، ويفزعه صهيل الخيل، ويزعجه صليل السيف وأزيز الرصاص وجاء كورونا ليكشف لنا الحقيقة وهتك المستور وأصبحنا نبحث عن الحلول التي يستطيع أن يواصل بها الطلبة تعليمهم واجتياز المنهج المُقرر من قبل الجهات التعليمية، وقع الجميع في المأزق، ولو قللنا من اللعب واللهو والاستهتار لتمكنا جميعًا من مجاراة المناهج التعليمية، واجتياز الاختبارات عن بعد، بالتقنية المتطورة، والتي هي نفسها جلبت علينا المتاعب عندما أصررنا على تحكيم الهوى وابتعدنا عن صوت العقل، والذي ينادي باستغلال الفرص، في ما يطرأ من تقدم وتطور في جميع المجالات العلمية، والتقنية وغير ذلك من المجالات التي تخدم البشرية.

نعم لولا الاستهتار لما تسببنا في أعباء إضافية للجهات المعنية، والهيئات التدريسية ولكن اليوم نقول "ما فات فات" والجميع يتحمل مسؤولية إصلاح هذا المسار من البيت إلى المدرسة، دون أن تعفى الجهات الأخرى من تحمل مسؤولياتها، وليعلم الجميع، أن حاجتنا في التعليم عن قرب وعن بعد ولابد من وضع خطط مستقبلية، لتهيئة الدارسين على كيفية التعامل مع الهيئات التدريسية وحل الواجبات المنزلية والاختبارات بشكل تدريجي دون المساس بالكتاب والذي يكفل لنا أن نصنع جيلا واعيا، مثقفاً ملما بتاريخه، مستعدا لمستقبله يجيد فن القيادة والسيطرة.

تعليق عبر الفيس بوك