قراءة حول الوصية وفقا للقانون العماني

 

 

ظافر بن عبدالله الحارثي

قالَ رَسُول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "تعلموا الفرائض وعلموها، فإنَّها من دينكم، وهي نصف العلم، وهي أول شيء ينزع من أمتي".. لعلَّ أوَّل ما قد يستنتجه المرء من هذا الحديث الأهمية التي تكمُن في معرفة علم الفرائض بل ونشره؛ ومن ضِمن موضوعات هذا العلم الوصية، والتي أوجدها المولى -عزَّ وجل- لتكون شفيعة لنا بعد الموت؛ فهي طريقة لزيادة رصيد أعمالنا، فمن خلال الوصية يعوض المرء ما فاته من تقصير في عبادة الرحمن الرحيم، فهي قربة بين الأهل وحظ الفقير، والحث عليها يتعاظم لأنها قد تكون مظنة التفريط.

فالوصيَّة تعدُّ من الحقوق المتعلقة بالتركة كما أقرها الفقه، وأكدته النصوص القانونية، فوفقا للقانون العماني تنفيذ الوصية يُعدُّ في المرتبة الثالثة بعد تجهيز الميت وقضاء الدين، ومقدَّمة على توزيع التركة؛ ومن خلال المادة 198 من قانون الأحوال الشخصية العماني، فإنَّ "الوصية تصرف وجه التبرع مضاف إلى ما بعد موت الموصي".

وأوضح قانون الأحوال الشخصية العماني أركان الوصية الأربعة؛ وهي: الصيغة، الموصي، الموصى له، الموصى به، وهذا استناداً لنص المادة 202؛ أولا: الصيغة، وهي الوسيلة المستخدمة التي تفيد معنى الوصية من ألفاظ وكتابة وإشارة، فلا يتحقق العقد إلا بالإيجاب؛ أي أن يأتي الموصي بالألفاظ الدالة على معنى الوصية؛ بحيث يفهم من تلك الألفاظ قصد إنشاء هذا الالتزام؛ ثم الموصي وهو الشخص المتبرِّع الذي صدرت عنه الوصية وتناولها المشرع العماني في المادة 205 مع بيان الشروط الواجب توافرها في شخص الموصي وذلك بقولها: (أ- تصح الوصية ممن له أهلية التبرُّع، ولو صدرت في مرض الموت، ب- للموصي تعديل الوصية، أو الرجوع عنها كلًّا أو بعضًا، ج- يعتبر تفويت الموصي للمال المعين الذي أوصى به رجوعاً منه عن الوصية)؛ ثم الموصى له وهو الذي قد تبرع له الموصي، ويعد شخص الموصى له المستفيد من التبرع؛ وأخيرا الموصى به وهو المتبرَّع به من مال أو منفعة، ويشترط في الموصى به أن يكون ملكاً للموصي، ومحله مشروعاً.

ومن ضمن الأحكام العامة في الوصايا: الوصية بالتنزيل، ويقصد بها أن التنزيل وصية، بإلحاق شخص غير وارث بميراث الموصي وبنصيب معين من الميراث، يستحق المنزل، مثل نصيب المنزل منزلته، ذكراً كان أو أنثى، وفي حدود الثلث إلا إذا أجازها الباقون من الورثة؛ وحال تزاحم الوصايا وذكرها في المادة 231 من القانون "إذا ضاق الثلث عن استيفاء الوصايا المتساوية رتبة، ولم يجز الورثة الراشدون ما زاد على الثلث، يقسم على الموصى لهم قسمة غرماء، فإذا كانت إحداها بشيء معين تقع المحاصة بقيمته، فيأخذ مستحقها حصته من المعين، ويأخذ غيره حصته من سائر الثلث"؛ وأيضا حكم وصية المشرك؛ والذي نص عليها المشرع العماني من خلال المادة 206 بقوله: "تصح الوصية لمن يصح تملكه للموصى به، ولو مع اختلاف الدين أو الجنسية".

أمَّا عن مُبطِلات الوصية، فجاء في المادة 228 من قانون الأحوال الشخصية العماني، أن الوصية تبطل  في الحالات التالية: رجوع الموصي عن وصيته، وأيضا في حال وفاة الموصى له في حياة الموصي، وأيضا في حال اكتساب الموصى له صفة الوارث للموصي، وفي حال الردة وهي حال ارتداد الموصي عن الإسلام، وحال قتل الموصى له الموصي؛ سواء أكان الموصى له فاعلاً أصليًّا أم شريكاً، وهلاك الموصى به أو استحقاقه من قبل الغير، وأخيرا رد الموصى له الوصية بعد وفاة الموصي.

تعليق عبر الفيس بوك