في أولى أمسيات "الغرفة" عبر منصات التواصل الاجتماعي

خبراء: لا بديل عن الحزم التحفيزية لمعالجة تداعيات "كورونا".. وتراكم الدين العام أكبر المشكلات

 

◄ الوردي: كورونا وأسعار النفط والديون.. "كماشة اقتصادية"

◄ الصقري: العجز المالي سيصل لـ4.5 مليار ريال.. والاقتراض الخارجي مُكلف

◄ الحوسني: السياحة والسفر والتعليم والمؤتمرات والمعارض.. القطاعات الأكثر تضررًا

 

مسقط - الرؤية

 

نظَّمتْ غرفة تجارة وصناعة عُمان أولى أمسياتها الرمضانية؛ حيث تمَّ بثها عبر منصات الغرفة في وسائل التواصل الاجتماعي، وهدفتْ الأمسية إلى مُناقشة آثار فيروس كورونا وأسعار النفط على مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي، والنشاط الاقتصادي لدى مؤسسات القطاع الخاص العمانية والتغيرات الاقتصادية ما بعد كورونا، إضافة لمناقشة الحلول والإجراءات اللازم اتخاذها للتخفيف عن الآثار الاقتصادية المتوقعة.

وشاركَ بالأمسية عددٌ من المتحدثين البارزين في المجال الاقتصادي بالسلطنة؛ هم: نصر بن عامر الحوسني رئيس مجلس إدارة مجموعة هيماء للطاقة، والدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية، إضافة للدكتور محمد بن حميد الوردي أكاديمي ومحلل اقتصادي، وخالد بن سيف البوسعيدي من وحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية، وأدار الحوار الإعلامي خالد بن عبدالله السلامي.

وفي بداية الأمسية، قدَّم محمد العبري مدير دائرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالغرفة، ورقة عمل حول الآثار الاقتصادية المترتبة على انتشار فيروس "كوفيد 19"، مشيرا خلالها إلى مجموعة من الآثار وهي انخفاض الإنفاق العام؛ فمن المتوقع أن يكون هناك خفض كبير في الإنفاق العام، خاصة في المشاريع والبنى الأساسية، وهو ما يعدُّ المحرك الرئيسي للاقتصاد في هذه الدول؛ مما سيؤثر على الحركة الاقتصادية والنمو، ومن الآثار الأخرى التخوُّف من الاستثمار وتغيُّر سلوك المستهلك والانخفاض في الطلب العالمي.

وعن دور الغرفة في مواجهة الآثار المترتبة على انتشار "كوفيد 19"، أشار العبري إلى أنَّ الغرفة قامت بإنشاء صندوق الغرفة والقطاع الخاص للمسؤولية الاجتماعية، والذي يهدف للعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة لتخفيف الآثار المترتبة على الجائحة، وتوحيد جهود القطاع الخاص في الخدمة المجتمعية، وتنظيم المشاريع المجتمعية وتوجيهها.

وبادرت الغرفة بتقديم دعم سخيٍّ، وقدره مليون ريال عماني؛ لإنشاء الصندوق، وتحث الغرفة جميع المنتسبين للمساهمة في الجهود المبذولة؛ سواء بالدعم المادي أو العيني، وفي القطاع الخاص قامت الغرفة بإعفاء المنتسبين من متأخرات رسوم التجديد للسنوات السابقة على أن يتم دفع رسوم سنة واحدة وتجديد الانتساب للعام 2020، علماً بأن هذه الإعفاءات تقدر بمبلغ وقدره 7 ملايين ريال عماني، كما قدمت معظم خدماتها إلكترونيًّا، كما وجهت أصحاب المراكز التجارية وملاك العقارات إلى مراعاة الأوضاع الحالية للمحلات المستأجرة والمتأثرة بالإجراءات الاحترازية سواء عبر إعفاء أو تخفيض أو تأجيل الإيجارات خلال المرحلة الحالية، إضافة لتعزيز الاستيراد المباشر عبر جميع منافذ السلطنة، واقتراح حزمة من الإجراءات والمحفزات الاقتصادية التي من شأنها التقليل من آثار هذه الأزمة، وأوضح العبري أنَّ الغرفة قد وضعت عددا من التوصيات التحفيزية للوضع الاقتصادي الراهن؛ منها: الحوافز المالية والمصرفية، وتعزيز الاستثمار، إضافة لتعزيز السيولة والقدرة.

وأشار الدكتور محمد بن حميد الوردي أكاديمي ومحلل اقتصادي، إلى أنَّ جائحة كورونا قد عصفت بالبشرية أجمع وبالعالم من شرقه إلى غربه، بدءًا بالصين مرورا بالعديد من دول العالم، وبدأ العالم بوضع الإجراءات الاحترازية والاحتياطات اللازمة لوقف تفشي الفيروس من خلال عمليات العزل والتباعد الاجتماعي والحجر الصحي، فهناك ما يقارب 200 دولة تمارس الإجراءات الاحترازية، و70 دولة أغلقت جزئيا أو كليا لوقف تفشي الوباء، مشيرا إلى أنَّ الإغلاق الجزئي أو الكلي للاقتصاد العالمي تسبَّب في ركود ضخم جدا؛ فقد توقع صندوق النقد الدولي أن يصل الانكماش للناتج المحلي العالمي للعام 2020 إلى ما يقارب الـ3%.

وأضاف الوردي أنَّ البعض الآخر توقع أن الجائحة إذا تواصلت بهذه الطريقة فقد تتحول إلى كساد كبير كالذي أصاب العالم في بداية القرن الماضي؛ لذك تأثرت قطاعات كثيرة على مستوى العالم بسبب الجائحة كالسياحة والتصنيع والتجارة والفندقة...وغيرها من القطاعات؛ فعلي سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب 26 مليون موظف فقدوا وظائفهم، وقد انكمش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول من العام الحالي بمعدل 6%، وتوقع بعض المحللين أن ينكمش الربع الثاني بنسبة تقارب 20 إلى 30%، فالإشكاليات التي حدثت في العالم بسبب كورونا عميقة.

وعن السلطنة، أوضح الوردي أنها اتخذت التدابير الاحترازية من بداية الجائحة، وكان قطاعا السياحة والطيران أول القطاعات المتأثرة في السلطنة، فقد أشارت التحليلات إلى أن قطاع السياحة قد تأثر بشدة كون الجائحة قد حدثت في ذروة الموسم السياحي في السلطنة. أما قطاع الطيران، فقد أشارت بعض التحليلات إلى أن الانخفاض في الإيرادات سيصل إلى ما يقارب 700 مليون دولار. أما الانخفاض في القيمة المضافة التي يُضيفها قطاع الطيران بطريقة مباشرة وغير مباشرة فيصل إلى 1.7 مليار دولار، موضحا أنَّ الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطنة كمنع مزاولة العديد من الأنشطة التجارية كان لها تأثير كبير على كافة الأنشطة التجارية.

وحول تأثير كورونا على أسعار النفط، أشار الوردي إلى أنَّ النفط قد تعرض لانهيار عالمي، وصل لما يُقارب 60%، ففي بداية العام كانت أسعار النفط في مستوى الستينات، ثم هبطت إلى الأربعينات بسبب الجائحة، وقد وصل سعر الخام العُماني إلى 20 دولارا. من جهة أخرى، فإنَّ ثلاثة أرباع الموازنة بالسلطنة تعتمد على النفط، ويعدُّ سعر البرميل في الموازنة ما يقارب 58 دولارا، أما الآن فقد أصبح ما يقارب 20 دولارًا؛ مما سيؤدي لهبوط حاد في إيرادات النفط، مسببا عجزا حادا في موازنة الدولة؛ وبالتالي فإن تأثير كماشة انهيار النفط أكثر من تأثير كماشة جائحة كورونا.

وأشار إلى أنَّ فشل الاتفاق بين دول أوبك والدول المستقلة أدى لبداية حرب سعرية بين السعودية وروسيا، مما تسبب في انهيار تاريخي في أسعار النفط، فقد هبطت ما يقارب 30%، وبعد اجتماع دول أوبك والدول المستقلة تمَّ التوصل إلى اتفاق تاريخي لخفض 10 إلى 20 مليون برميل، وتكفلت دول أوبك بما يقارب 10 ملايين برميل، وقد لاقى هذا الاتفاق تعاطف الدول المنتجة والمستهلكة، كذلك تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة.. وبلا شك، فإنه ومع إبرام هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في مايو القادم من المؤمل أن تنتعش الأسعار.

وقال الدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية، إنَّ انخفاضَ أسعار النفط يعد تاريخيًّا؛ حيث شهدت انهيارا غير مسبوق؛ مما أثر على اقتصاديات العديد من الدول ومنها السلطنة، إضافة إلى تفاقم أزمة جائحة كورونا.  وتوقع الصقري أن العجز المالي سيصل لأربعة ونصف مليار ريال، وستكون هناك زيادة في تراكم الدين العام الذي يشكل قلقا؛ حيث سيصل إلى نسبة عالية تقدر بـ15% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.

وعن الاقتراض، أشار رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية إلى أنَّ الاقتراض الخارجي مكلف للسلطنة، في حال رغبتها تمويل النفقات الأساسية وسد العجز المالي الكبير في الموازنة المالية، والتي نشأت عن الأزمتين اللتين سيطال تأثيرهما أيضا سوق العمل في السلطنة، وانخفاض وتيرة التوظيف في القطاع العام والخاص، ولكن هناك ثمَّة أوضاع إيجابية في حال تقليص عدد العمالة الوافدة التي تعمل في شركات ومؤسسات القطاع الخاص؛ حيث ستشهد القطاعات الاقتصادية نموًّا، وستحظَى بمزيد من الدعم، فضلا عن نمو قطاعات التقنيات والابتكارات العلمية.

وقال الشيخ نصر بن عامر الحوسني رئيس مجلس إدارة مجموعة هيماء للطاقة: هناك تأثيرات آنية وطويلة الأجل لأزمة انخفاض أسعار النفط وأزمة كورونا، من جهة أخرى هناك شركات عالمية كبرى أعلنت إفلاسها، وتجاوزت مديونياتها مليارات الدولارات، متحدثا عن القطاع الخاص العماني وما يعانيه من بطء في النمو الاقتصادي؛ حيث تعاني أغلب شركات ومؤسسات القطاع الخاص من تأخر الحصول على استحقاقاتها من قبل الحكومة، وتشهد في ظل هذه الظروف والأوضاع الاستثنائية ضعفًا في المبيعات، وارتفاع تكلفة الدين العام، وقلة الاستثمارات الأجنبية، كما أن هناك قطاعات تضررت كثيرا جراء هذه الجائحة كقطاع السياحة والسفر والتعليم والمؤتمرات والمعارض؛ حيث يدير هذه القطاعات العديد من أصحاب الأعمال العمانيين، وتأثرت أنشتطهم وأعمالهم، وتعانِي مؤسساتهم من خلل مالي وضعف العمل والإنتاج، وعدم القدرة على سداد الالتزامات في مواعيد استحقاقها.

وأشار الحوسني إلى وضع سوق مسقط للأوراق المالية، حيث قال إنه شهد انخفاضا وسيستمر في الانخفاض في الربع الثالث من السنة؛ وبالتالي يجب مراجعة المخصصات المالية، وإيجاد حلول لتوفير مزيد من السيولة النقدية حتى تتمكَّن الشركات من الإيفاء بالتزاماتها البنكية وبرواتب موظفيها.

وتحدَّث الحوسني عن الآليات التي اتبعتها بعض دول العالم لمساعدة القطاع الخاص للخروج من هذه الأزمة كدفع رواتب العمال المهرة، موضحا أن الفرصة الآن سانحة لإعادة هيكلة الشركات العائلية في السلطنة، والاستفادة القصوى من قطاع تقنية المعلومات؛ حيث كانت تصرف الكثير من الموازنات لعقد الاجتماعات العامة والقيام بعمليات التدريب والإشراف والتأهيل... وغيرها من احتياجات المنظمات، فالفرص الآن متوفرة لمن أراد إعادة هيكلة شركاته خاصة الصغيرة والمتوسطة وتقليص العمالة الوافدة، مشيرا إلى المنشور الأخير الصادر عن وزارة المالية الموجه إلى كافة الشركات الحكومية بشأن سياسة التعمين والإحلال بالكفاءات الوطنية.

وأشاد الحوسني بالإجراءات والسياسات التي تتبعها وزارة المالية -والتي من ضمنها: إيلاء الكوادر الوطنية اهتماما أكبر، والعمل على إيجاد فرص عمل لها، لاسيما في الشركات الحكومية- حيث تتميز ببيئة عمل جاذبة، وهنالك قدرات وكفاءات عُمانية مُؤهلة لشغل تلك المناصب القيادية والإشرافية، ومتى ما أتيحت لها فرصة العمل فإنها بلا شك ستعمل على رفع مستوى النمو الاقتصادي في مجالات العمل الوطني، وستبذل قصارى جهدها لأجل التطوير وبناء إمكاناتها ومهاراتها.

نصر الحوسني.png
خالد البوسعيدي.png
د. محمد الوردي.png
د. سعيد الصقري.png
 

تعليق عبر الفيس بوك