د. الجويعد.. على ضفاف التاريخ

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

 

"التاريخ علم جليل كريم به نحفظ مآثر أمتنا العظيمة، ونميز من خلاله الصحيح من السقيم من الأخبار"، د. طلال جمعان الجويعد.

 

 

الكتب التاريخية أو التي بها بصمة من التاريخ ونبذة ودراسات، لها أهميتها لتطرقها لحوادث حدثت منذ أزمنة وفترات تاريخية متعددة سواء بالتاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث أو المعاصر، متابعة تتابع هذه الأزمنة تحتاج ذاكرة ومذاكرة وتتبع للمراحل التاريخية، والقراءة التاريخية خاصة للكتب المكتوبة بأساس أكاديمي ووفق مقتضيات وطرق البحث التاريخي تكون أوثق من غيرها، مع عدم التدخل بالموثوقية والأمانة العلمية، وهنا تكمن وتبرز أهمية الكتاب (أي كتاب) إن كان قد تمت به مراعاة الكتابة البحثية الصحيحة، والالتزام بموازين الأمانة والنزاهة.

قبل فترة قصيرة أهداني الصديق الدكتور طلال الجويعد (1) كتابا مميزا من تأليفه وهو بعنوان: تأملات على ضفاف التاريخ، يحتوي الكتاب وهو من القطع الصغير من خمسة وتسعين صفحة، على مجموعة مقالات منشورة، وقد قسم الكتاب على ثلاثة أبواب:

الباب الأول: في منهج البحث التاريخي

الباب الثاني: في التاريخ الإسلامي

الباب الثالث: تاريخ الكويت

ونظرا لأكاديمية الكاتب، فقد كانت الكتابة على نحو من الكتابة الأكاديمية؛ حيث الاهتمام بالشكل العام من هوامش وتوثيق (2) وغيره من الصفات التي يهتم بها الأكاديميون في كتاباتهم، مما يثري المكتوب، ويعطي أهمية ومصداقية ويغذي اللهفة في نفس القارئ.

بدأ الكتاب بمقدمة من الأستاذ طلال الرميضي (3)، وفي الباب الأول كان تثبت الكاتب وإسهابه بالحديث عن مناهج البحث العلمية، حيث بدأ بمقال عبارة عن إجابة لسؤال: كيف نعرف حقيقة النص التاريخي؟ حيث أقتبس منه: يجب على الباحث المؤرخ قبل الحكم على أي حادثة ورجالها أن يراعي القواعد المنهجية لعلم التاريخ والتي تعمل على الاقتراب قدر الإمكان من صحة الحدث وإعطاء صورة تقريبية له وهي:

  1. البعد الزماني للحدث
  2. البعد الروائي للحدث
  3. البعد الجغرافي للحدث
  4. التوفيق بين الروايات وتخليصها من علة التناقض واختيار الأصح منها والأقرب إلى المنطق.
  5. دراسة حالة راوي الحدث ومدى شهادة أهل عصره عليه.

في الباب الثاني يتحدث الكاتب عن التاريخ الإسلامي، ويعرف عن هذا التاريخ تشعباته وأحداثه الكبيرة والشخصيات الفاعلة ذات التأثير الفارق بدء من صدر الإسلام وصولا" بالخلافة العثمانية، حيث يتناول هذا الباب عبر عدة مقالات مراحل مختلفة منه، اقتبس منه من مقال رابعة كلنوش (4) اقتبس منه: "وركزت السيدة كلنوش نشاطها الخيري في إستانبول والحرمين الشريفين، فقد أنشأت في عهد ابنها مصطفى الثاني جامعا في حي غلطة بإستانبول وألحقت بالجامع ساعة شمسية للصلاة ومدرسة لتعليم الأطفال العلوم الشرعية كما أنشأت بالقرب منها سبيل كبير للمياه، أمّا في الحرمين الشريفين فقد انشأت العديد من الأسبلة في طريقة الحج، وعمرت عيون الماء بالقرب من المناسك".

في الباب الثالث يركز الكاتب على بعض اللمحات من تاريخ الكويت، وفي مقال مهرجان القصاص بالكويت اقتبس منه: "وأذكر أنني حضرت وأنا صغير لا يتجاوز عمري الثامنة آخر موسم للقصاص في بادية الكويت وذلك عام 1980، وشاهدت بعيني كيف كان الرجال يجزون صوف الأغنام وهم ينشدون الأشعار في حماس وجد، وتناولت وجبة الخلاصة (5) معهم والتي تعتبر الآن من الأكلات الكويتية النادرة والتي في سبيلها إلى الإنقراض".

الكتاب هو في الحقيقة أقرب إلى الكتيب، وقد نشر عام 2010م، وهو مهم لأنه حسبما أعرف الكتاب الأول للكاتب، وقد نشر لنفس الكاتب قبل أشهر كتاب هو في الحقيقة أطروحة دكتوراه حصل على إثرها الكاتب على الدكتوراه من جامعة عين شمس المصرية، واسم الاطروحة (الكتاب فيما بعد) الحرملك العثماني (6)، وهومن المهتمين بالتاريخ العثماني، وله مقالات وأبحاث وندوات حول هذا التاريخ العريق لآخر دولة خلافة إسلامية قبل سقوطها في أوائل القرن الماضي.

_____________________________

1- طلال جمعان الجويعد، أستاذ في قسم التاريخ بكلية الآداب، جامعة الكويت

2- في اعتقادي أنه كلما زاد الاهتمام بالهوامش والتوثيق في محتويات الكتاب كلما تبينت للقارئ مصداقية واهتمام المؤلف ودقة مصادره والمراجع، وهي تعتبر رسالة ضمنية بقوة البحث العلمية

3- طلال سعد الرميضي، باحث ومؤرخ كويتي، أمين سابق لرابطة الأدباء الكويتيين

4- السيدة: أمة الله ماه بارة رابعة كلنوش (1052 هجري- 1127 هجري) (1642م- 1715م) زوجة السلطان محمد الرابع، وتلقب بـ "أم السلاطين".

5-  "الخلاصة": وجبة دسمة وفاخرة بالنسبة للبدوي تتكون من السمن والرز والتمر.

6- "الحرملك العثماني" منشورات دار ذات السلاسل، الكويت، نشر عام 2019م.