"إيكونوميست" تتساءل: هل تفوز الصين؟ والإجابة: نعم.. لكن بشروط

ترجمة- رنا عبدالحكيم

طرحت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية على صدر غلاف عددها الأخير سؤال: هل تفوز الصين؟ وفي طيات المجلة أجابت عبر تقرير موسع وقالت إن بإمكان الصين أن تفوز في معركة قيادة العالم الجديد، أو عالم ما بعد كورونا، لكن هذا النصر مشروط بعوامل، لخصتها المجلة في الرغبة في النفوذ، والاستعداد لقيادة العالم، وأخيرا قدرة الصين على الإنفاق العالمي.

20200418_cna1280.jpg
 

واستهلت المجلة تقريرها الذي يحمل عنوانا فرعيا "التداعيات الجيوسياسية لكوفيد-19"، بالقول إن هذه السنة شهدت بداية مروعة للصين، عندما انتشر فيروس كورونا الذي يصيب الجهاز التنفسي في مقاطعة ووهان، الأمر الذي استدعى من السلطات الصينية الإسراع في فرض حجر صحي مشدد واسع النطاق. ويبدو أن الإغلاق نجح؛ حيث تباطأ عدد الحالات المبلغ عنها المصابة بكوفيد-19 إلى مستويات دنيا، وتم إعادة فتح المصانع، بينما يسارع الباحثون الزمن لاكتشاف لقاح، وفي هذه الأثناء تجاوزت حصيلة الضحايا في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وأمريكا، ما سجلته الصين.

وتشيد الصين بإجراءاتها باعتبارها انتصارا. وتوضح حملة دعائية واسعة النطاق أن الصين تمكنت من السيطرة على الوباء بفضل حكم الحزب الواحد القوي. وتقول إن البلاد تُظهر الآن "إحسانها" من خلال تزويد العالم بمجموعة أدوات طبية، بما في ذلك ما يقرب من 4 مليارات قناع في الفترة ما بين 1 مارس و4 أبريل. وتظهر الصين أيضا أنها اشترت بتضحياتها الوقت لبقية العالم للاستعداد، وإذا أهدرتها بعض الديمقراطيات الغربية، فإن ذلك يظهر كيف أن نظام حكمها أقل شأنا من نظام الصين.

واستنتج البعض، بمن في ذلك مراقبي السياسة الخارجية المتعصبون في الغرب، أن الصين ستكون الفائز من الكارثة المطمئنة. وهم يحذرون من أن هذا الوباء لن يتم تذكره على أنه كارثة بشرية فحسب، ولكن أيضًا كنقطة تحول جيوسياسية بعيدًا عن أمريكا.

وتأصل هذا الرأي جزئياً بشكل افتراضي، ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يرى مصلحة في قيادة الاستجابة العالمية للفيروس. فقد تعهد ترامب بإلغاء تمويل أمريكا لمنظمة الصحة العالمية بسبب تحيزها المزعوم المؤيد للصين. ومع مطالبة رجل في البيت الأبيض "بالسلطة المطلقة" وفي نفس الوقت يقول "أنا لا أتحمل المسؤولية على الإطلاق"، فلدى الصين فرصة لتعزيز نفوذها العالمي.

لكن هل هناك عوائق أمام الصين؟

الإجابة: نعم لديها. فلا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كان سجل الصين في التعامل مع كوفيد-19 مثير للإعجاب كما تدعي، ناهيك عن جودة سجلات الديمقراطيات مثل كوريا الجنوبية أو تايوان.

العقبة الثانية تتمثل في أن الدعاية الصينية التي غالبا ما تكون غير نزيهة. أما العقبة الأخيرة فهي تعامل الدول الغنية مع الصين.

وتحث مارجريت فيستاجر مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة، الحكومات على شراء حصص في الشركات الاستراتيجية، لمنع الصين من الاستفادة من اضطرابات أسواق المال لشراءها بسعر رخيص. وعلى نطاق أوسع، غذى الوباء الحجج القائلة إن الدول لا يجب أن تعتمد على الصين للحصول على السلع والخدمات الحيوية، من أجهزة التنفس الصناعي إلى شبكات الجيل الخامس.

وتتوقع منظمة التجارة العالمية انكماش التجارة العالمية للبضائع بنسبة 13-32% على المدى القصير. وإذا تحول هذا إلى تراجع طويل الأمد عن العولمة- والذي كان مصدر قلق بالفعل قبل القرن التاسع عشر- فإنه سيضر بالصين مثل أي بلد آخر. والنقطة الأكثر جوهرية هي إذا كانت الدول الأخرى مستعدة لرؤية الصين تحل محل أمريكا أو ما إذا كانت تنوي الصين ذلك من الأساس.

وسيكون اختبار طموحات الصين في كيفية أدائها في السباق للحصول على لقاح، وإذا وصلت إلى إنتاج اللقاح أولاً، سيتيح ذلك إمكانية استخدام هذا النجاح كنصرٍ وطني ومنصة للتعاون العالمي.

أما الاختبار الآخر فهو تخفيف عبء الديون على البلدان الفقيرة؛ ففي 15 أبريل، وافقت مجموعة العشرين، بما في ذلك الصين، على السماح للدول المدينة بتعليق مدفوعات الديون لأعضائها لمدة 8 أشهر. وفي الماضي، ساومت الصين حول الديون خلف الأبواب المغلقة، وفي شكل مفاوضات ثنائية في بعض الأحيان، للحصول على تنازلات سياسية. وإذا كان قرار مجموعة العشرين يعني أن الحكومة في بكين مستعدة الآن للتنسيق مع الدائنين الآخرين وأن تكون أكثر سخاءً، فإن ذلك سيكون علامة على استعدادها لإنفاق المال للحصول على دور عالمي جديد.

ورغم ذلك، ربما تكون الصين أقل اهتمامًا بإدارة العالم من ضمان أن القوى الأخرى لا يمكنها أو تجرؤ على محاولة إحباط خططها. وتهدف الصين إلى التخلص من وضع الدولار كعملة احتياطية عالمية، وتعمل بجد لوضع دبلوماسييها في وظائف مؤثرة في الهيئات متعددة الأطراف، حتى يكونوا في وضع يسمح لهم بصياغة القواعد العالمية. وأحد الأسباب التي تجعل ترامب على نطاق واسع ضد منظمة الصحة العالمية هو أنها تجعل الصين تبدو أكثر جدارة بمثل هذه المواقف.

ويجمع حكام الصين بين الطموحات الشاسعة والحذر الناتج عن المهمة الضخمة التي لديهم في حكم بلد يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة؛ إذ لا يحتاجون إلى إنشاء نظام دولي جديد قائم على القواعد من الصفر. وقد يفضلون الاستمرار في الضغط على الركائز المتذبذبة للنظام الذي بنته أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، حتى لا يتسبب ذلك في تقييد الصين الصاعدة.

تعليق عبر الفيس بوك