مقترحات للخروج من الأزمة

 

ناجي بن جمعة البلوشي

الجهود المبذولة من جانب وزارة المالية في اتخاذ كافة الإجراءات المطلوبة بهدف تفادي الكثير من تبعات الأزمة المالية التي تعصف بالعالم والسلطنة، تعكس تفاني وحرص هذه الوزارة على وصول سفينتنا العمانية إلى بر الأمان مع أقل الخسائر.

فمثل هذه المنشورات المالية في هذا الزمن العصيب والوقت الحرج من آثار جائحة كورنا (كوفيد 19) بالإضافة إلى اختلال موازين أسعار النفط المتوقعة والمعتمدة في موازنة 2020، إنّما هي دون أدنى شك سيكون لها الأثر الحقيقي الملموس في كيان المالية العمانية واتضاح قدرتها على تخطي هذه الأزمة المزدوجة. فآثار انخفاض أسعار النفط العالمية وتوقف أعمال الكثير من الشركات المدعومة والمملوكة للحكومة عن العمل والامتثال لقرارات اللجنة العليا لبحث آلية التعامل مع فيروس كورونا (كوفيد19)، والموافقة على ضروريات مالية طارئة في رفع كفاءة المخزونات الاستراتيجية الدوائية والغذائية وغيرها من متطلبات الجاهزية الفعلية لمواجهة أزمة عالمية حقيقة.

ولا نغفل أن نقر إقرارًا يشهده التاريخ على أن كل هذا ما كان ليكون موجودا لولا التوجيهات والأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- والتي تدل دلالة واضحة على قيادته القيادة الحكيمة وحرصه على العمل الدؤوب في إنقاذ عمان وأبنائها وكل من عليها والوصول بهم إلى بر الأمان مع أقل الخسائر المحتملة المقدرة بقدرة القادر عز وجل وهذا ما نؤمن به حتما.

هنا أضع بعضا من أفكاري التي قد تساعدنا في توفير 500 مليون ريال تقريبا حتى نهاية هذا العام إذا ما توافقت هذه الأفكار مع ما يراه المختصون مناسبا فليس لنا من الأمر، إلا أننا نقدم أفكارنا مشبهين أنفسنا كبحارة متواجدين على متن السفينة يقدرون ما يرونه مناسبا، لكن في النهاية كل الأمر يعود إلى القبطان ومعاونيه.

فهناك مقترحات جدية وذات نفع لكثير من القرارات التي قد يتخذها كل مختص في ظل الأزمة المالية، فإننا نؤمن بأنّ هذا يوحي بأنّ الجميع يفكر في حل ومقترح وأداة حل، وغيرها من أوجه التعاون، فما وجدته في هذه المقترحات وجده غيري مكتوبا ومعلنًا فمنها ما يميل إلى الاقتراض ورفع نسبة الدين العام إلى نسبة كبيرة، وهذا الاقتراض في حقيقته سينفعنا في تجاوز الأزمة المالية الحالية، لكنّه لا يحتمل البقاء طويلا لأنّه سيساعدنا في فترة زمنية بسيطة ويكون عبئا علينا في الفترة الزمنية الأطول، فالفوائد ستكون مركبة وكبيرة مع عدم وضوح المستقبل أمامنا كسعر برميل النفط أو انتهاء الأزمة الاقتصادية الصحية سريعا أو غيرها من مخاطر الرؤية المستقبلية.

وهناك من كتب عن خفض قيمة الريال العماني وهذا شأن يبدو أكثر تعقيدا، ومنهم من كتب في تخلي الحكومة عن بعض الأصول المملوكة لها كالمساهمات والشراكات وغيرها من الأصول وهذا لا يمتزج والجو السائد في الاقتصاد العالمي.

كما كتب البعض عن الاستفادة من الاحتياطي العام للدولة في سد ثغرة العجز الحقيقي المحسوب في الموازنة العامة للعام 2020 وإضافة كل الجديد المترتب من أزمة تهاوي أسعار النفط وما يرافقه من الأزمة الصحية الكورونيّة، وفي هذا المقترح نقول إنّه سيكون مكلفًا جدًا وغير واقعي فسد العجز بهذه الآلية يعني عدم تفكير في المستقبل، لأننا لا ندري متى سيتغير سعر برميل النفط والعوائد المالية منه التي ستعوض الاحتياطي العام مما استنزف منه، كما أنّ الاحتياطي العام للدولة الملاذ الأخير دائما في كل مخطط واستراتيجية فلا يعقل استنزافه في أزمة عابرة.

وفي تقديري لهذه الأزمة هو أن نحددها على أنّها كما جاءت هي فجأة وقويّة فستذهب بكل ما فيها من آثار قوية، وهنا فقط يجب علينا أن نتخذ الإجراءات التي تساعدنا على المكوث في وجه هذه العاصفة بمقدار القوة والفجأة ذاتها، وذلك حتى نصمد نحن في الوضع ذاته دون نقل أي آثار منها لزمن غير زمنها.

إنّ القرارات الأخيرة التي اتخذتها اللجنة العليا المكلفة بتداعيات أزمة كورنا والمتعلقة بالقطاع الخاص خاصة ببند التفاوض بين الشركة والعاملين لديها على تخفيض الراتب المستحق مع تخفيض ساعات العمل، أثار في نفسي أفكارا مماثلة تتخذها الحكومة الرشيدة في القطاع العام وهنا سأضعها لتكون مقترحا يمكن أن يساعدنا جميعا في مثل هذه الظروف فنقول:

مع غض النظر عن أي إجراء لشهري مايو ويوليو القادمين والذين سيكونان الموافقين لشهري رمضان المبارك وذي القعدة، وهي شهور فيها من الالتزامات العديدة والضرورية لكل موظف عامل في القطاع العام.

وهنا نقترح بداية من جدول مستحقات الرواتب لشهر يونيو القادم وحتى نهاية العام الحالي مقترح تقليل ساعات العمل لكل الموظفين في القطاع العام والشركات المملوكة للحكومة وكل من يصرف رواتبه من الموازنة العامة للدولة والمحسوب في بند الرواتب، هذا التقليل لساعات العمل هو استقطاع ساعتي عمل يومي من كل موظف ليستبدل المعمول به حاليا. ومن خلال هذا الخفض في ساعات العمل يتم استقطاع الراتب المستحق لتلك الساعتين من كل الموظفين واسترجاعه إلى الميزانية العامة للدولة.

بالمقابل تحث وزارة المالية والبنك المركزي العماني المختصين في القطاع المالي المصرفي من البنوك والصيرفة الإسلامية وشركات التمويل وغيرها في العمل على استقطاع ما نسبته 50% من الأقساط الشهرية الحالية لكل المقترضين حتى نهاية شهر ديسمبر 2020، على أن يتم استحداث آلية عمل استقطاع جديدة بعد انتهاء العام الحالي كإضافة ما نسبته 10% من معلقات أقساط العام الحالي الى أقساط العام التالي وفي كل الأحوال حتى لا يتأثر الموظف من آثار الأقساط المترتبة عن التأجيل لنصف الأقساط تراعي كل أوجه التعاون.

ونقترح أن تراعي الهيئة العامة للمياه وشركات الكهرباء وشركات الاتصالات وغيرها ممن لهم أقساط شهرية مستحقة على أولئك الموظفين في قبول ما نسبته 50% من قيمة الفواتير والمستحقات المترتبة على أشهر العام 2020 بداية من شهر يونيو حتى ديسمبر، لتبدأ في وضع آلية مشابهة لما قدمناه في أقساط البنوك.

مع أنّ هذا المقترح موجه إلى وزارة المالية إلا أن كثيرًا من المواطنين سيكون لهم رأي آخر في مثل هذا الإجراء خاصة أولئك غير المقترضين ولا يتواجد عليهم أي دين والتزامات مالية تجارية، لكنّهم حتما ملتزمون بالتزامات أو مع محافظ وجمعيات خاصة بهم وهنا سيتذمرون قليلا من هذا الإجراء، لكننا نطمئنهم أنه عليهم العمل بمثل ما تعمل عليه المؤسسات التجارية بدفع النصف من الواجب تسديده.

كل هذا الحل هدفه تفتيت قوة الأزمة إلى فتات متوزع على أشهر حتى نهاية العام الجاري وهنا ستكون الأشهر الصافية من كل هذا الاقتراح هي 6 أشهر ميلادية. بعدها يمكن لنا العودة إلى المعتاد من القوانين والتشريعات واستعادة النمو الاقتصادي المتوقع للسلطنة والعمل بكل أريحية دون تكلف وثقل، فلا يثقل الدين العام على الحكومة ليتخطى 80% ولا يستنزف الاحتياطي العام للدولة ولا يخفض سعر قيمة الريال العماني.

إننا نقترح البدء في هذه الحلول اعتبارا من رواتب يونيو، وفي النهاية يجب أن نتعاون لتكون عمان أمة قوية تأتيها العواصف وتمر عليها وهي باقية ببقاء أبنائها المخلصين.

نسأل الله أن يحفظ عمان وأبناءها البررة.

تعليق عبر الفيس بوك