جائحة لا تبقي ولا تذر

 

منى المعولية

برغم كل تلك الإرهاصات التي أثقلت كاهل الاقتصاد وتسببت بشلل تام وعام للمرافق والأماكن الحيوية، وأغلقت على إثرها الموانئ والمطارات واستنزفت إمكانيات الدول، حتى غدت البلدان التي كانت تسعى للتنقيب عن بديل للنفط لرفع سقف تمويلها وإنعاش نشاطها وحركتها التجارية مشغولة بحماية مواطنيها وكوادرها ومؤسساتها الصحية؛ وعوضا عن تعزيز نموها وتطورها، أصبحت تحاول هذه الدول تدارك خسائرها.

ولأنّ الرياح "الكوفيدية" لجائحة القرن رفضت إلا أن تسيّر عكس دفة صناع القرار وذكاء مستشاري الاقتصاد، فإذا بنا ونحن الذين بالأمس نلهث لتوفير الظروف التنموية قد أصبحنا اليوم نسابق الزمن لتفادي الخسائر البشرية، تلك الخسائر التي لا يمكن تعويضها أو حتى استبدالها بالذهب والمال، فقد أصبح اللهاث الآن وتكثيف الجهود وتوحيد الطاقات لننجو جميعا وتنجو الأرواح التي لا يمكن تعويضها.

وإننا لنأمل أن يتوقف قطار الموت عند العدد المذكور ويثبت ولا يزيد في خضم كل المعطيات ومؤشرات ارتفاعه لدى العديد من الدول.

إنّ الأمر مع الأيام ينهك مفاصل الصندوق الوقفي الصحي الذي تم تخصيصه لمتطلبات جائحة كوفيد ١٩ في ظل قوة التقصي الوبائي وزيادة عدد الحالات والارتفاع الهائل في كمية الفحوصات اليومية المجانية لضمان فحص الجميع.

فالمواطن والمقيم هو محل اهتمام واحد، ترسيخا للمبادئ الإنسانية النبيلة واستمرارًا لنهج السلطنة العظيم وأوامر جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله وسدد خطاه - في المساواة بين الجميع على أرض عمان في العناية والرعاية الصحية بما يختص بجائحة كورونا.

كل أبواب العالم مغلقة وكل دولة تتحسس عافيتها، حتى تلك التي كانت في ظروف أفضل مصنعة للمواد الطبية غدت نفسها اليوم مستهلكة ولا تفي منتوجاتها بسد حاجتها الصحية، لقد انهارت المؤسسات الطبية، وسقط سقف بعضها في أكثر الدول قوة وجاهزية، ومن كان يضرب بها المثل بتفوّق منظوماتها وخدماتها الصحية كما حدث مع إيطاليا وإسبانيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وما زال مستمرًا من انهيار تام وموت بالآلاف ونقص في المعدات الطببة اللازمة، حتى أنّها فرغت ساحاتها وجعلت منها مستشفيات.

سارعت السلطنة ممثلة بوزارة الصحة والجهات المختصة بتوفير واستيراد المعدات والأدوات والمستلزمات الطبية، غير أنّ عمان مازالت بحاجة للتسلح بالمزيد لتفادي أي نقص وحاجة لتلك الحاجات، فأصعب موقف على الطبيب أن يرى الحالات تتفاقم وفي كل مرحلة كما هو معروف يزداد الاستنزاف، وإنّه لموقف صعب لا يتمناه أي طبيب أن يقف عاجزا أمام مريض قد يحتضر بسبب كثرة العدد المستخدم للأدوات، في حين ثمة روح تنتظر جهاز إنعاش شاغر فتغادر الحياة دون أن يتوفر.

تعزيزا ودعما للصندوق المخصص للدعم الصحي ومواجهة الجائحة وبرغم كل الصعاب والتحديات؛ فلنتكاتف، ولنجدد نداء إغاثة بعضنا بعضا، ونشد على بعضنا لنؤازر بتبرعنا صندوق الصحة لتفادي العواقب ولتتعافى عمان.

تعليق عبر الفيس بوك