تكنولوجيا التعليم ما بعد "كورونا"

 

منير بن محفوظ القاسمي

 

تدخل أزمة جائحة كورونا شهرها الخامس بعد إعلان أول إصابة في العالم وبحسب آخر الإحصائيات فالمدة قد تطول عالمياً.

ومن المتعارف عليه أن ما بعد كل أزمة تأثيرات قصيرة المدى سرعان ما تنتهي مع مرور الوقت كالعامل النفسي والقلق الصحي والضرر المادي لبعض القطاعات وتأثيرات طويلة المدى قد تتغير فيها أعمال وتوجهات وأفكار وسياسات وقد تختفي وظائف وتظهر أخرى جديدة وقد تعود لبعض الوظائف الحياة من جديد وهذا ما شاهدناه حالياً في ظل هذه الجائحة فمهنة الرعاية الصحية اشتد عودها وأضحت واحدة من الوظائف التي ستكون محط اهتمام عالمي بشكل أكبر.. كما عاد التعليم للواجهة في رأيي وبات حديث العالم وكيفية إدارته في وقت الأزمات ولربما سيشهد هذا القطاع الحيوي اهتمامًا أكبر وتغييرا أكثر في سياساته وإجراءاته وتوجهاته.

وبحكم أنني ضمن كوادر هذا القطاع المهم كان لزاما عليّ أن أسلط الضوء على ما يعنيني فيه، فالتعليم يجب أن يكون في رأس أولويات المرحلة القادمة وهذا ما لمسناه في خطاب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- حيث قال في خطابه السامي: "وإن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار سوف يكون في سلم أولوياتنا الوطنية، وسنمده بكافة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة".

وبلا شك في هذا العصر أن دخول التكنولوجيا في حل الأزمات صار مطلباً بل توجها، فلقد شاهدنا في ظل تفاقم الوضع وازدياد الحالات لبعض الدول المتقدمة أن استخدام القوة التكنولوجية كان ذا أثر كبير في مواجهة تفشي وباء فيروس كورونا فاستغلت الدول المتقدمة الروبوت الآلي في معالجة المرضى وأخرى استثمرت طائرات "درون" قادرة على مخاطبة الناس لفض التجمعات ومنع انتشار فيروس كورونا المستجد بل تطور الأمر لاستخدامها في الكشف عن مرضى كوفيد -19.

ولجأت الكثير من الدول لاستثمار ذكاءات التكنولوجيا في التعاملات وفي البيع والشراء ودول أخرى وضعت برامج وتطبيقات ذكية لإنجاز المهام الوظيفية في البيت وغيرها من الأمثلة كثير جدًا. تسارع في الأفكار وتسابق للابتكار أحدثته جائحة لم يمر على بدايتها وقت طويل.

ونرجع للتعليم الآن محور حديثنا، فمن المهم أن نذكر أنَّ الاهتمام بتوظيف ثقافة التعامل مع تقنيات التعليم في التعليم لم يكن وليد هذه الجائحة فقد بدأت المطالب بالتعامل مع أنظمة وبرامج الحاسوب والإنترنت منذ فترة لا بأس بها ولنرجع قليلاً للوراء عندما أصدر المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه- توجيهاته السامية لتنمية قدرات ومهارات المواطنين وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية في عام 2009، لتدريب ما يزيد عن 93 ألف موظف من موظفي الخدمة المدنية وتأهيلهم في مجال تقنية المعلومات للحصول على الشهادة العالمية للحاسوب والإنترنت IC3، وذلك بالتعاون مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم.

الآن.. تثبت هذه النظرة الاستشرافية للمستقبل قوتها، وبات العمل على اكتمال هذا البناء مطلباً وحتى تتكامل هذه الرؤية يجب أن يكون تخصص تكنولوجيا التعليم في محط اهتمام التوجيهات القادمة وأن يوظف التوظيف الأمثل وأن تعطى أقسام تقنيات التعليم بما فيها (المحتوى الإلكتروني وتقنية المعلومات ومراكز مصادر التعلم) أدوارا جديدة لخدمة هذا الغرض واهتماما أكثر من قبل المعنيين وأصحاب القرار..

فهل سنشهد ذلك بعد مرور جائحة كوفيد-19؟

أرجو ذلك!

تعليق عبر الفيس بوك