"الفيفا"..كيف سيتم تعويض خسائر كرة القدم؟

 

أحمد السلماني

"المجنونة" كرة القدم، معشوقة الملايين، توقف دورانها حالها حال كل مفاصل الحياة بسبب جائحة كورونا، والخسائر التي لحقت بقطاع كرة القدم كبيرة جدًا والمُتضرر الأكبر والمباشر هي المسابقات المحلية والأندية واللاعبون، الخسائر ستتجاوز المليارات في المجمل على مستوى العالم، وهي أكبر خسارة يتكبدها هذا القطاع على مدى تاريخه، الأمر الذي يستوجب مراجعة شاملة لهذه المنظومة بعد الجائحة من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم.

"الفيفا"، ثاني أكبر منظمة دولية بعد هيئة الأمم المتحدة وثالث أكبر اقتصاد في العالم، بعد أن فاقت ميزانيته وتفوقت على ميزانيات عشرات الدول، حيث أصبحت كرة القدم أكبر من رياضة، وتحولت إلى استثمار، وصناعة كبرى، تجذب الدول والمستثمرين والتجار والشركات الكبرى حول العالم.

واليوم وبعد هذا الضرر الكبير الذي ألمّ بقطاع كرة القدم في كافة المعمورة، بات حريا بمنظمة "الفيفا" تعويض الاتحادات المحلية وما يتبعها من أندية بشكل مباشر عن طريق الاستعجال في دفع مستحقاتها التشغيلية، والأخرى لتعويض خسائرها وفق آلية محددة ترفع على أساسها تقارير وكشوفات بهذه الخسائر.

أمر هام وضروري يفترض ألا يغفل عنه الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو "أن العالم بعد جائحة كورونا، ليس كبعده" وبالتالي فإنَّ كبح جماح جنوح عقود الرعايات والدعاية وعقود اللاعبين الفلكية والخيالية وغير المعقولة ومُراجعة المنظومة بشكل عام سوف يضمن عدم تكرار هذا الحجم الهائل من الخسائر ويعيد لنا متعة وجمالية وشغف كرة القدم.

إنَّ هيستيريا الأرقام الفلكية في عقود النقل والبث للمباريات وعقود اللاعبين الخيالية والتي تخطت حاجز 250 مليون دولار للاعب كرة في المقابل يتقاضى "الجيش الأبيض" الملائكي الذي يُحارب الجائحة اليوم ويستبسل في الصفوف الأمامية للتصدي لها وقدم الكثير من التضحيات والضحايا أقل من 10 آلاف دولار كأعلى سقف راتب فهذا يعني انقلاب وانفلات مفاهيم البشر للسنن الكونية وبالتالي جاءت هذه الرسالة الإلهية العميقة ليُعيد الإنسان التفكير في الكثير من المفاهيم وأتمنى أن عالم الرياضة وكرة القدم تحديدا قد استوعب الدرس.

إنني على يقين تام بأنَّ كل المنظمات والهيئات الدولية والمحلية ستعيد النظر في آلية دورة عملها والمنظومة التي تدار من خلالها، و"الفيفا" اليوم عليه عمل كبير في إعادة تشكيل عالم كرة القدم وجعل المتعة والشغف بها متاحا بدلا من حصرها على الفئة القادرة على الدفع وخاصة كأس العالم، كما وننتظر من هذه المؤسسة الثرية أن ترتقي لمستوى الأزمة التي طالت هذا القطاع وتقديم الدعم المادي والتعويضات بشكل عاجل للاتحادات المحلية خاصة في دول العالم الثالث على أن يوجه جزء كبير منها إلى تطوير كرة القدم بها، وعلى اتحاد الكرة في بلادي مسؤولية كبيرة في إعادة تشكيل منظومة كرة القدم بعد هذه الأزمة وبما يكفل تجاوز مثل هذه الأزمات بوجود صندوق رعاية احتياطي خاص للتعامل مع هكذا ظروف قاهرة.