سعيد بن حميد الهطالي
تسعى الحكومات المُعاصرة إلى التفاعل مع المُتغيرات والمتطلبات والفرص، ومُواكبة التطورات السريعة والمُتلاحقة بشتى الطرق والأساليب الحديثة من خلال تبني استراتيجيات ومشاريع مستمرة من أجل ترسيخ بيئة الابتكار المؤسسي سعياً إلى تحقيق التطوير، وتقديم أفضل الخدمات، والتكيف مع ما يستجد من أفكار وتقنيات ووسائل حديثة لمواجهة تحديات العصر.
ولا يخفى على أحد أن جائحة فيروس كورونا المستجد الذي هو من أهم مواضيع حديث الساعة في العالم، والذي جر وراءه كوارث وخسائر صحية واقتصادية كبيرة للدول والأفراد جعل منظمة الصحة العالمية وكبار العلماء والخبراء في العالم يعملون على تسريع وتيرة الجهود الدولية المشتركة لإيجاد حلول وعمل عالمي لتدابير علاجه ومكافحته للاستعانة من بعد الله بتسخير قوة العلم الذي يستند العمل فيه إلى البحوث الطبية والمختبرية والابتكارات العلمية لمواجهة واحتواء تفشي وباء جائحة كوفيد-19، وتطوير لقاحات مضادة له.
إنَّ فيروس كورونا المستجد حرّض المخترعين على الابتكار، ودفع بالمختبرات الطبية والشركات التقنية العالمية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لابتكار أدوية ولقاحات جديدة قد تفرز ابتكارات جديدة للوقاية والعلاج.
فإذا كانت الأزمات هي المُحرك الأول لخلق الفرص صار حتماً علينا محلياً التفكير لتهيئة الأرضية التي تعزز من توجه السلطنة لقيادة منظومة الابتكار الوطني نحو دعم المبادرات البناءة، وتقوية البنية التحتية التشغيلية، والتواصل المؤسسي، وتحفيز النشاط الإبداعي، وتمكين كيانات الابتكار نحو قطاع تعليمي وصحي واجتماعي واقتصادي.. متميز وأكثر استدامة.
آن للابتكار أن يتبوأ مكانته المستحقة، وينال البحث العلمي اعتباره الحقيقي ليصبح الموضة السارية في واقعنا الوطني المعاصر لتوفير البيئة الحاضنة والداعمة لتمكين وترسيخ ثقافة الابتكار لتحقيق استراتيجيات وخطط قطاعات العمل بمنظومتها المتكاملة ومجالاتها المتعددة من خلال توظيف التقنيات الحديثة لتحويل الابتكار إلى عمل مؤسسي تكتسب من خلاله المهارات العملية لتطوير الأداء وزيادة الإنتاجية، وإيجاد الحلول والآليات المبتكرة لتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتصنيع.
ففيما يخص ملفاتنا الداخلية على المستوى المؤسسي والمجتمعي فقد يؤكد دائماً أبناء الوطن الذين يتحلون بعقلية مُبدعة قادرة على ابتكار الحلول الذكية أنهم على قدر الثقة والمسؤولية لتحقيق تطلعات بلادهم، ويتجلى ذلك بوضوح في كل موقف أو أزمة حادثة، فإلى جانب ما أفرزته الأزمة الأخيرة من وجود بدائل فعَّالة وسريعة فقد أثبتوا قدرتهم على الابتكار والمساهمة في جهود مكافحة الجائحة، والعمل لتقديم الحلول التقنية في ظل تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي لتوفير الحلول والمبادرات التي تحد من تفشي هذه الجائحة، منها الحلول التقنية الحديثة كمُباشرة العمل عن بعد، والتعلم عن بعد، والتسوق عن بعد.
كذلك قد دفعت هذه الأزمة إلى قيام العديد من الأفراد والمؤسسات بابتكار واختراع العديد من الابتكارات الجديدة سواءً من الأدوية، أو الأدوات، أو التطبيقات، أو الأجهزة .. "كأجهزة التنفس الصناعي (محلية الصنع) التي استطاعت شركة (إنوتك) بأيادٍ عمانية اختراعها، والتي أثبتت كفاءة عالية بعد تجربتها بالمستشفى السلطاني".
إننا أمام واقع يحفزنا على إحداث تغيير ٍإيجابيٍ، ويحثنا للاستعداد للعمل لمرحلة ما بعد كورونا، فلا مكان للتقاعس فيه عن ركب التطور الحضاري العالمي من أجل عملية التحول المجتمعي بكافة مجالاته.. ومواكبة مستجدات الإبداع والابتكار اللذين يمثلان عوامل النجاح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
فهل نحن فاعلون؟ فالجواب يفترض قطعاً: نعم!، فإننا ماضون- بإذن الله وتوفيقه- بنهضة بلادنا المتجددة للارتقاء بها نحو التفوق والريادة في عالم الابتكار.