"إيكونومست": الحافز العالمي من الإنفاق الحكومي سيتجاوز 2% هذا العام

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أشارَ صندوق النقد الدولي إلى أنَّ الإجراءات السياسية غير المسبُوقة التي تقُوم بها البنوك المركزية والحكومات حول العالم سريعة وحاسمة؛ حيث خفَّضتْ البنوك المركزية على مُستوى العالم أسعارَ الفائدة بأكثر من 0.5 نقطة مئوية منذ يناير، وأطلقت خططًا جديدة ضخمة للتخفيف الكمي (إنشاء الأموال لشراء السندات).

وقدَّمت بريطانيا وفرنسا وبلدان أخرى ضمانات ائتمانية بقيمة تصل إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي؛ سعيًا لمنع سلسلة من التخلف عن السداد، وفقًا للإجراء الأكثر تحفظًا، فإنَّ الحافزَ العالمي من الإنفاق الحكومي هذا العام سيتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يُمثل دفعة أكبر بكثير مما شوهد في 2007-2009م.

على الرغم من ذلك، فإنَّ التركيز فقط على الأرقام يفتقد شيئًا مهمًّا؛ فهناك تغييرات نوعية مهمة جارية في كيفية إدارة صانعي السياسات للاقتصاد والمسؤوليات التي حملوها لأنفسهم، وما يُنظر إليه على أنه إجراء مشروع وما هو غير ذلك، والمعايير المستخدمة للحكم على نجاح السياسة أو فشلها. وحول هذه التدابير؛ فالعالم في المراحل الأولى من ثورة في صنع السياسة الاقتصادية.

وبحسب مجلة "إيكومونست" البريطانية، فإنَّ الآثار الدائمة لكورونا خلال العام المقبل ستبدأ بارتفاع الدين الحكومي بشكل حاد، مع انهيار قفزات الإنفاق وإيرادات الضرائب، وعندما يتعافى الاقتصاد، سيتحول الاهتمام إلى دفعه وستترتب على ابتكارات البنوك المركزية نتائج دائمة.

وأوضحتْ الصحيفة أنَّ عددًا قليلًا من الاقتصاديين يعتقد أنَّ التعاون الواضح بين السلطات المالية والنقدية يخاطر بخلق تضخم جامح، كما حدث في فنزويلا وزيمبابوي، في أي وقت قريب، وإذا كان هناك شيء، فإنَّ القلق الأكبر الآن هو الانكماش بسبب انهيار أسعار النفط، وقد يعتمد السياسيون في المستقبل على البنوك المركزية لربط أسعار الفائدة عند الصفر لدعم الاقتراض الحكومي، حتى في أوقات النمو الاقتصادي وانخفاض البطالة، إذا وعدت البنوك المركزية بتمويل الحكومة خلال جائحة الفيروسات التاجية، فقد يتساءلون: فلماذا لا يُمولونها أيضًا لشن حرب باهظة الثمن ضد عدو أجنبي أو الاستثمار في صفقة خضراء جديدة؟

وتابعت أنَّ التأثير النهائي للتدخلات الحالية يتعلق بتسامح واضعي السياسات مع المخاطر، قد تستمر الفكرة الجديدة القائلة بأنَّ الحكومة بحاجة للحفاظ على الشركات والوظائف ودخل العمال بأي تكلفة عمليا، خاصة إذا أثبت التدخل نجاحه.

ويَمِيل القطاع العام إلى تقديم خدمات كثيفة العمالة تكون فيها تحسينات الإنتاجية صعبة، مثل الرعاية الصحية والتعليم. يجب أن تتناسب مع رواتب العاملين في القطاعات الأخرى من أجل الحفاظ على رواتبهم، حتى عندما يصبحون أقل إنتاجية بالنسبة للاقتصاد الكلي، وهي ظاهرة ترفع تكلفة المخصصات.

ويُمكن أن تُصبح البلدان أقل ترحيبًا بالمهاجرين، فقد يعتقدون أنه من الأفضل تقليل احتمال الإصابة من الوافدين الأجانب على نفس المنطق، يُمكن أن تتصاعد مقاومة تطوير المراكز الحضرية الكثيفة، ممَّا يحد من بناء مساكن جديدة ورفع التكاليف، وقد تسعَى المزيد من البلدان إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج السلع "الإستراتيجية" مثل الأدوية والمعدات الطبية وحتى ورق المرحاض؛ مما يُسهم في مزيد من التراجع عن العولمة، لكن الدور المعاد تعريفه للدولة يُمكن أن يكون أهم تحول. وكانت قواعد اللعبة تتحرك في اتجاه واحد لعدة قرون؛ فهناك تغيُّر جذري آخر يلوح في الأفق.

تعليق عبر الفيس بوك