تسوية منحنى العدوى ومنحنى الركود.. ضرورة عالمية

"فورين أفيرز": حصول الموظفين على رواتبهم يسهم في منع الانهيار الاقتصادي

ترجمة- رنا عبدالحكيم

أكدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن الأولوية الاقتصادية الأولى في العالم يجب أن تتمثل في التأكد من أن الموظفين والعمال قادرون على الاستمرار في العمل، والحصول على رواتبهم، حتى لو كانوا في الحجر الصحي أو أجبروا على البقاء في المنزل، ويمكن أن تشكل سياسات العمل لبعض الوقت حلا ناجعا، والتي تشمل تسريح العمال لعدد معين من الأيام خلال الأسبوع أو ساعات اليوم، لكنها تضمن بعض الأجور واستمرارية العمل. وقد اعتمدت ألمانيا مثل هذه السياسات وكذلك فرنسا والمملكة المتحدة.

وأجمع خبراء الصحة على أن دول العالم تحتاج إلى سياسات بعيدة المدى لتحقيق التباعد الاجتماعي، وأن تتحرك السلطات بسرعة لتسطيح منحنى الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، على ما ذكر تقرير المجلة الأمريكية.

وفرضت 16 ولاية أمريكية، تضم أكثر من 156 مليون نسمة، أوامر البقاء في المنزل. كما فرضت الصين وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة سياسات حجر مشددة. وإذا تم اتباعها بدقة، فهذه السياسات ستؤدي إلى نتائج قوية.

ولن تتتمكن الدول من الفوز بمعركتها مع الفيروس سوى من خلال زيادة قدرة قطاع الرعاية الصحية بشكل كبير، عبر وضع المزيد من الأسرِّة، ومضاعفة أجهزة التنفس الصناعي، وتوفير الأقنعة، وإجراء المزيد من الاختبارات والفحوصات، علاوة على المزيد من المتخصصين في الرعاية الصحية، وضخ استثمارات لتمويل جهود صنع اللقاحات، والمزيد من التقصي الوبائي. ويتطلب مثل هذا التوسع إعادة توجيه مهم لجزء من القطاعات الإنتاجية. لكن هذا التحول يحدث ببطء في العديد من البلدان.

وما لم تتم إدارة تأثير الأزمة الصحية بشكل صحيح، فلن يتمكن الاقتصاد من العودة إلى طبيعته مرة أخرى بصورة فورية. فالاقتصاد الحديث شبكة معقدة من الأطراف المترابطة: من العمال والشركات والموردين والمستهلكين والبنوك. وليس من باب المصادفة أن الإجراءات التي يمكن أن تساعد في حل الأزمة الصحية قد تتسبب في أن أزمة اقتصادية أسوأ، على المدى القصير على الأقل والعكس صحيح.

وينبغي الوضع في الاعتبار ما يمكن وما لا يمكن اتخاذه من قرارات اقتصادية، على ألا يكون الهدف إنهاء الركود تماما، فالتدابير اللازمة ليست "سياسات تحفيزية"، إذ إن الركود قادم لا محالة، وسيكون هائلاً، غير أن الأمل في أن يكون قصير الأجل.

ويجب أن تضمن السياسة الاقتصادية قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تجاوز العاصفة دون التعرض للإفلاس. ويمكن للحكومات دعمها من خلال تقديم شروط اقتراض أسهل وأيسر، والإعفاء المؤقت من الضرائب، أو تعليق أقساط القروض، أو تقديم مساعدة مالية مباشرة عند الحاجة. وأخيرًا، ستكون هناك حاجة إلى سياسات لدعم النظام المالي مع زيادة القروض المؤجلة لضمان عدم تحول الأزمة إلى أزمة مصرفية ومالية كاملة.

وترى المجلة أن توقيت هذه التدابير الاقتصادية أمر بالغ الأهمية، فهناك حاجة ماسة إليها بشدة عندما يكون الاقتصاد في وضع الإغلاق. ولن تكون حزم التحفيز بعد انتهاء الأزمة الصحية ضرورية إلا إذا لم يتمكن العالم من التصرف بشكل حاسم في الوقت الحالي، ويمكن أن تكون أكثر تكلفة بكثير.

ستكون تكلفة التدابير المذكورة أعلاه كبيرة، وقد تحتاج الحكومات إلى توفير دعم للدخل على نطاق مماثل تقريبًا للناتج المفقود. وإذا كان إجمالي الخسارة في الناتج في حدود 10% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، فقد تحتاج الحكومة إلى إنفاق مبلغ مماثل لدعم الاقتصاد.

تعليق عبر الفيس بوك