الرياضة غاية تبررها "كورونا"

الرياضة غاية تبررها "كورونا"

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

لنعود إلى الوراء قليلاً... مشهدٌ نرى فيه سُلطاناً حكيماً وقورا، يدعو إلى تفعيل دور النادي، مشهدٌ آخر يسعدُ فيه بالشباب الذينَ قالوا "الكرة في مضربنا".. فقد كان الرهان الفائز دوماً لأعز الرجال وأنقاهم ــ طيب الله ثراه ــ هم أبناء وطنه وشبابه على وجه الخصوص، تماماً كما راهنَ ــ أيضاً ــ جلالة السلطان هيثم بن طارق ــ حفظه الله ــ على أبناء شعبه بذات الثقة في الشباب ودعا لتمكينهم، كما دعاهم للقيام بدورهم المنشود.

اليوم.. وكحال العالم كله تُواجه عُمان تحدياً كبيراً يتمثل في فيروس كورونا أو جائحة "كوفيد19" يتطلب منِّا جميعاً الوقوف صفاً واحداً للتقليل من آثارها والمضي بها بعيداً عن المحظور، ولعلَّ الحديث واسع ومتشعب ومتكرر في هذا الأمر، وقد كتبت في المقالين السابقين عن هذه الجائحة ولو بشكل مختلف، وسأحاول هنا الوقوف واقتراح دور للرياضة بكل مكوناتها داخل هذا البلد العزيز في هذه المواجهة، ولا بأس في التكرار إن كان مفيدا.

مع توقف النشاط الرياضي في السلطنة والحث على التباعد الاجتماعي، يجب أن تطرح قطاعات الرياضة عبر منصاتها وتواصلها الإلكتروني المبادرات الشبابية الفردية منها والمؤسسية، ولقد رأينا بالفعل استغلالاً مثمراً لبث التوعية من خلال نجوم الكرة العُمانية كعماد الحوسني وأحمد مبارك وعلي الحبسي، إضافة إلى رسائل التوعية عبر مواقع التواصل الخاصة بالأندية والفرق الأهلية، علاوة على الامتثال السريع لقرار وقف النشاط الرياضي، وبالتالي هناك مبادرات يجب تعزيزها وتطويرها بصورة أفضل، مع ضرورة تعدديتها من الاتحادات واللجان الرياضية إضافة إلى اللجنة الأولمبية العُمانية.

لا شك أننا نحتاج الآن للإيجابية في التعامل والهدوء في مواكبة الأحداث مع الحذر الشديد وإدراك خطورة الوضع، من الجيد أن نسعى لتشجيع الرياضة المنزلية بين الأسرة، وتثقيف الرياضي وخاصة الناشئ وتفتيح وعيه لتنمية مهاراته ولعب دوره الإنساني عند الحاجة، وأتمنى استمرار عمل المنتخبات الوطنية بكل فئاتها والأكاديميات الرياضية عبر الفضاء الإلكتروني وإيجاد دروس في التنمية الرياضية والمهارات الحياتية المختلفة والقيم السامية، الأمر الذي ــ لا ريب ــ سيساعد في استثمار "خليك في البيت" والإيقاف الإجباري عن الدراسة وتقليص عدد العاملين في كافة القطاعات، ومن الجيد تعزيز جانب القراءة في المجال الرياضي المتخصص والقراءة بشكل عام، فالقراءة غذاء الروح وأسلوب الحياة الأمثل.

يقوم القطاع الصحي والطبي بدور خط المواجهة الأولى مع جائحة "كوفيد19" وأقل القليل أن "نبقى في منازلنا" حينما "بقوا هم في مؤسساتهم الصحية" والبقاء هنا ليس مرهوناً بتصعير الخد وكفت اليدين؛ فهناك استطاعة ومقدرة عالية لذواتنا ولرياضتنا ورياضيينا العُمانيين، ولا يُمكن القول ــ في اعتقادي ــ أن الرياضة وسيلة؛ بل هي غاية تتبعها وسائل مختلفة وسط غاية مواجهة فيروس كورونا، من تلك الوسائل الرياضية القناة الرياضية التي أدعوها إلى اكتشاف نفسها من جديد وبث برامج رياضية جاذبة واستجلاب الأرشيف وفتح نوافذ ذات إطلالات تسترعي اهتمام المشاهد وفق الإمكانيات المتاحة، وتقديم محتوى معرفي وثقافي رياضي جيد بأفكار جديدة.

إننا أمام اختبار رباني كبير، لا يُفصلُ فيه الدين عن الدنيا، لذلك علينا أن نتخذ الأسباب ونفتح آفاق العقل البشري دون التعدي على حدود الله، كما علينا جعل العمل يتحدث عنَّا لا أن نتحدث عنه، وأن نستوعب الجميع دون إقصاء ودون إلقاء الكلام على عواهنه، والرياضة ملعب كبير نستطيع أن نلعب فيه جميعاً دور النجومية كيفما كانت الإمكانيات.