التلاعُب بأسعار البضائع

 

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

حدَّثني أحد الإخوة أنَّه ذهب لأحد المجمعات التجارية، فاستوقفته عاملة من جنسية آسيوية كانت تقف أمام باب محل العطور الذي تعمل به، فطلبتْ منه الدخول للمحل، وقالت إنَّ لديهم تخفيضات هائلة تصل إلى 60%، فسألها عن الإعلان عن هذه التخفيضات على واجهة المحل، فردَّت بأنَّ الموزِّع لهذه العطور في عُمان هو الذي أبلغهم مُؤخراً بضرورة تخفيض السعر. ومن باب الفضول، قام بتصوير بعض علب العطور، وعليها الأسعار، وقارنها بالسعر الشفهي الذي أعطته إياه نفس العاملة، فدوَّن مُلَاحظاته عن الأسعار في كلِّ علبة من العطور. وذهب إلى خمسة محلات أخرى للعطور في أربعة مجمعات تجارية، وقارن الأسعار، فوجد أنَّ أسعارها الحقيقية جميعاً مُتقاربة والفرق بينها لا يُذكر، ولا تُوجد عروض فعليَّة، إنما تحايُل على المستهلك في وَضَح النهار، ودُون خوف من المراقبة.

فالبعض يرفع الأسعار بنسبة 65%، ويعلن أنها توجد تخفيضات بنسبة 60%، والبعض الآخر يرفع السعر 25%، ويقول بأن التخفيض 20% أو 30%. والبعض يُعلن عن توزيع كوبونات وهمية ويقول إنه يعطي الزبون كوبون بمبلغ 10 ريالات عن كل شراء بمبلغ 30 ريالًا، وكوبون بقيمة 5 ريالات عن كل شراء بمبلغ 20 ريالًا... وهكذا دواليك.

فالمُهم من هذا أن الحيل تعدَّدت والسعر واحد، والشاطر منهم من يستطيع خِداع أكبر عدد من الزبائن ليبيعهم نفس السلعة بفائدة أعلى، ورُبما هذه الحال تتبيَّن من خلال البحث الميداني والتجول في المحلات والمراكز التجارية، ليجد الأدلة الدامغة تنطبق على كثير من السلع في السلطنة.

وفي ظلِّ وجود هذا العدد الهائل من المحلات التي تُدار من قبل العمالة الوافدة دون مبرر ودون رادع أو وازع من ضمير، فالحذر مطلوب.

وليس ببعيد عن هذا الموضوع، صادفتُ كثيرًا من المحلات التجارية -سواءً محلات بيع الأجهزة الإلكترونية، أو بيع مواد البناء، أو بيع الملابس الجاهزة، أو بيع المواد التموينية- نجد أن هناك تفاوتاً كبيراً في الأسعار.

وذات مرة اشتريتُ جهازًا إلكترونيًّا من أحد المحلات بمبلغ معين، وبعد فترة ليست بالبعيدة وجدتُ ذات الجهاز في محل آخر أرخص بكثير مما اشتريته من المحل السابق، وبالتواصل مع هيئة حماية المستهلك أفادوا بأنَّ هذا التفاوت في الأسعار بين محل وآخر أمر طبيعي، وهو ناتجٌ عن كمية البضاعة التي تستوردها بعض المحلات عن المحلات الأخرى، وكذلك تخضَع لقيمة الإيجارات وأسعار الشراء والمصروفات الأخرى، وهنا نستنتج أنَّ التبعات تعُود على المستهلك، وتتوقف على ثقافته في تقصِّي الأسعار التي تناسب أوضاعه المادية.

وقد علمتُ أنَّ هيئة حماية المستهلك تتدخَّل في حال رفع محل ما سعر بضاعة كان يبيعها سابقاً بسعر معين، وباعها بعد فترة وجيزة بسعر أعلى مُبالغاً فيه.

ويبقى المستهلك هو الرقيب الوحيد على البضائع التي يشتريها من المحلات التي لا تُراعي الضوابط ولا القوانين المعمول بها في البلاد، خاصة في ظلِّ احتكار العمالة الوافدة الآسيوية تحديداً على التجارة في بلادنا، وظهور الغش التجاري لا سيما في المواد الغذائية التي تشهد تزويراً في تواريخ الصلاحية للمواد الغذائية، والتي تُطالعنا بها وسائل الإعلام عن الضبطيات التي تقوم بها هيئة حماية المستهلك ووزارة البلديات الإقليمية وموار المياه، وبلديتا مسقط وظفار.

ومع تكرار هذه الأعمال غير القانونية من قبل التجار الوافدين، يتبين أنَّ العقوبات لا تعتبر رادعة بما فيه الكفاية.