اختبار "كورونا".. البقاء للأقوى

حمود بن علي الطوقي

 

يبدو أننا أمام اختبار فعلي للتكيُّف أمام التطورات لفيروس كورونا المستجد، الذي غَزَا العالم، وأعلن رسميا أنه أصبح وباء، ومع هذه التطورات المتلاحقة أصدرت اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار هذا الفيروس عدة قرارات، تهدف للمحافظة على المواطنين والمقيمين، وعلينا أن نكون أكثر وعيًا جمعيًّا لتطبيق التعليمات، حفاظا على احتواء هذا الفيروس ومنع انتشاره.

التعليمات الصريحة تقتضي عدم الاختلاط، وهذه فرصة لأن نعمل على محاربة هذا الوباء بعدم الاختلاط وتجنب الأماكن المزدحمة، والتقليل من الخروج إلا في الحالات الضرورية، لكي نكون جنودًا نقاوم انتشار هذا الفيروس اللعين.

الجهود التي تبذلها اللجنة العليا يجب أن تؤخذ بمحض الجد من قبل الجميع، وعدم التهاون من هذه التعليمات لأنها أقرت من أجل المحافظة على أرواحنا.

ما زالت السلطنة مُسيطرة على هذا الوباء، والحالات التي تمَّ الإعلان عنها وكذلك الحالات التي تم الشفاء منها، ما زالت متواضعة، ويمكن السيطرة عليها في حالة التعاون من قبل الجميع.

لاول مرة ألتقي إخواني وأصدقائي وزملائي في العمل، ونتبادل السلام عن بُعد، وكلنا على قناعة بأن هذا التصرف هو الأنسب في مثل هذه الظروف الصعبة.

رغم بشاعة هذا الفيروس الذي فتك بعصب الاقتصاد، وشلَّ دولًا كانت تعتمد في اقتصادياتها على موارد مختلفة، ظهر كورونا اللعين ليعيد رسم خارطة العالم من جديد، وليفرض قبضته ويغيِّر مسارات العمل في مختلف بقاع العالم.

كورونا غيَّر لنا مساراتنا، وعلينا أن نغير تلك المسارات، بما يُعيد لنا ترتيب أوضاعنا الاقتصادية، علينا أن نستفيد من هذه الأزمة، ونوجه البوصلة نحو الاحتياجات التي ننشدها، والتي ظهرت مع كورونا، وكنا نغفل أو نتغافل عن أهميتها؛ فهذا المرض يجب أن يكون لنا معول البناء والتفكير السليم، وطرح دراسات عن الاحتياجات الفعلية التي نحتاجها، ونكون قادرين على توفيرها، بل وتصديرها للخارج في حالة اكتفائنا في الأسواق المحلية.

كورونا كوباء يفتك بالأخضر واليابس يجب أن تقابله عقول تتحدى وتقاوم انتشاره، بل وتعمل على تهيئة الأوضاع إلى مجالات العمل والابتكار، وأن لا تتوقف عجلة الابتكار والإبداع، بل يجب أن نعلن التحدي الحقيقي لنكون نحن الأقوى بمحاربة هذا الوباء؛ من خلال إصرارنا على متابعة التعليمات، والتي لا شك ستبعد وتنحي هذا المرض لكي ينتشر في بيئتنا العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا.

أقول وأنا اكتب هذا المقال بعد التعليمات الجديدة التي صدرت أمس من قبل اللجنة العليا لمكافحة فيروس كورونا، والمتمثلة بوقف دخول غير العمانين عبر جميع منافذ السلطنة، باستثناء مواطني دول مجلس التعاون، وكذلك إغلاق الحدائق والمتنزهات العامة، وإيقاف تأدية صلاة الجمعة بمساجد السلطنة.. وغيرها من إجراءات احترازية، أننا أمام اختبار حقيقي وفعلي لأن نتعامل مع هذه التعليمات بجدية، وعدم التهاون؛ لكي نحافظ على بلادنا خالية من هذا الوباء.

فالاختبار صعب، ولكن بإصرارنا على النجاح، سوف نقضي على هذا المرض، ونعلن جميعا أننا أمام تحدٍّ حقيقي للانتصار والنجاح.

أتمنى أن تكون النتائج المرجوة خلال الأسبوعين القادمين مبشِّرة، وأن نُسهم ونتعاون معا في تطبيق القرارات الصادرة عن اللجنة العليا.

حقا.. إذا جاوزنا هذه المرحلة بنجاح، سوف نكون على قدر المسؤولية لتجاوز الأزمات؛ فدائما نتعلم من الأزمات قيمة الإبداع والتميز.. حفظ الله بلادنا من أي مكروه، وسلم الله البشرية والإنسانية من ويلات الأمراض والأسقام، ونسأل الله -جلت قدرته- أن يكون القادم أفضل، ويجعل بعد العُسر يسرًا.