مؤسسة النادي

 

 

المعتصم البوسعيدي


إنَّ النظرَ إلى حقيقةِ ما نحنُ عليه من خلالِ بوصلةِ تجريد الذات من العواطفِ سيُوضح موقعنا وإلى أين نتَّجه، وعلى ذلك نُدركُ تحدياتنا ونرسمُ مساراتنا ونُهيئ النفس للعملِ الجاد نحو مُستقبل أفضل، ولربما نرفع الراية البيضاء لا استسلاماً؛ بل افساحاً لغيرنا فالغاية تحقيق الصالح العام.

لقد كثُرَ الحديث وطالَ الكلام "واشتعل الرأس شيبا" حول رياضتنا العُمانية؛ رؤى مُتعددة وندوات مُختلفة وأماني بعثرتها رياح الزمن، ولا "جديد تحت الشمس" فعلى البركاتِ نمضي وبالدعواتِ نمشي، وكل مغاليق الإجابات رُميت مفاتيحها في قعرِ نهر، ونحنُ لا نجيد السباحة إلا على سطحه، أو هكذا نحبسُ قدرتنا على الغوص!

في الأغلبِ قد يرى الناس أن الكلام أعلاه مُبتذل، ويرغبون في معرفةِ "الزبدة" وهذا حقهم، خاصة عندما لا نُحبذ القراءة، وعلى العموم.. فإنَّ الرياضة العُمانية تُعاني كما يُردد دائماً من "الهرم المقلوب" فالمنتخباتِ ــ مثلاً ــ تُبنى من المنتخب للنادي وليس العكس، والرياضي يُتبنى بعد أن يصيرَ مُتحققاً، والفعاليات تلوى "وين أذنك" لتُملأ بها السجلات، والمُحصلة لا زلنا في نفسِ النقطة التي انطلقنا منها.

قد يتفق أغلبنا أن النادي أساساً من أساساتِ النهوض برياضتِنا، وهنا أود طرح السؤال.. هل نمتلك ــ حقاً ــ نادي المؤسسة الرياضية المبني على رؤيةٍ واضحة ورسالةٍ ناصعة وأهدافٍ مُعلنة، ويقوم على ثوابتٍ راسخة ومبادئٍ لا يحيدُ عنها وقيمٍ يُقاتل عليها؟! نادٍ يرتقي بنفسهِ ببنيةٍ تحتية وبيئةٍ جاذبة ويضعُ استراتيجيات قريبة وبعيدة المدى. نادٍ يضم أعضاء مُتفاعلين من جميعِ الفئات؛ حيثُ يوفر لهم المكان المناسب والفعاليات المتنوعة؛ ففيه الملعب والمتحف والحديقة والمقهى والمتجر المُعزز بهويةِ النادي التاريخية وبالشعار والألوان والملابس والرموز، تلك التي تجعل التعصب المحمود للنادي ثقافة مُجتمعية تُحركها بواعث الانتماء والولاء.

 

في اعتقادي أن الدفع بمؤسسةِ النادي أحد السُبل المُمكنة والناجحة للارتقاءِ بالرياضةِ العُمانية على أن تشمل ابتكاراً يُلامس كل التفاصيل الكبيرة منها والصغيرة، علاوة على ضرورةِ اتساعِ الفكرة لا ضيقها عبرَ منظورٍ كروي بحت، ويجب أن نفكر كيف نجعل من هذهِ المؤسسة مُنتجا له قيمته المجتمعية والثقافية والرياضية والسوقية، فشراكة القطاع الخاص مطلوبة بشرطِ ابتعادها عن الرعاية التقليدية الجامدة، والتي نراها في فعاليةٍ تتزاحم شعارات الرعاية لها، والمحصلة "اسمع جعجعة ولا أرى طحنا".

إن المُمارسات الإدارية المُبهمة لا تقودنا إلى شيء؛ فنحنُ نركض ونبذلُ الجهد ولكن لا نصل.. لماذا؟!! نحتاج أن نحرك كرة الثلج لتذوب لا لتكبر، نحتاج أن نأخذ بيد الأندية إلى مستوى المؤسسة التي تنتقل فيها الإدارات بسلاسة وديمومة لا تعترف بالأشخاص، ويجب أن تشغل هذه الإدارات بالها بطرح الأسئلة والبحث عن إجاباتها بالأفكار التي تُحقق استدامة النادي ورقيه، وعلينا أن نفكر كيف للاعبٍ يفرحُ ويبكي "بهيستريةٍ" للفوزِ أو للخسارةِ في مُباراةٍ عادية لا تقصيه أو تتوجه ببطولة؟! وكيف لجماهيرٍ غفيرة تهتفُ وتشجعُ وشاشة الملعب تسجل هزيمة ناديها بنتيجةٍ كبيرة؟!!! إنها مؤسسة القيم والمبادئ والثقافة الجمعية وصوت أمل داخلي مُتجدد يُردد على الدوام: إنا قادرون.