حل المشكلات.. والاستفادة منها

 

 

د. أحمد بن عبدالكريم بن عبدالله

تعدُّ المشكلات العامل الأكثر سببًا في تعكير صفو حياة الإنسان؛ فالمشكلة عبارة عن حالة أو موقف يستدعي الفهم والحل، وهي العائق الذي يقف في طريق وصول الإنسان إلى هدفه وغايته؛ حيث إنَّ الحل يغدو السبيل الوحيد لوصوله إلى تلك الغاية؛ لذلك ففي حالة ظهور أي مشكلة لابد من البحث في إيجاد الحل لمعالجتها.

والمشكلات لا تأتي بالحلول أبداً، إنما العقل والفكر هو الذي يعوَّل عليه في سبيل ذلك؛ فقد قالوا قديما "لكل مشكلةٍ ألف حل"، كناية عن أنَّ الحلول موجودة دائماً إذا ما أردنا وسعينا لها؛ فعندما نسمع بكلمة "مشكلة" ينتابنا الشعور بالضيق وحالة من عدم الارتياح والاطمئنان، بعكس كلمة "حل" تبعث في النفس السعادة والتفاؤل والإيجابية، وبرغم اختلاف نوع وحجم المشكلات وأصنافها وصعوباتها سواء أكانت خاصة أو عامة، اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها، فيُفترض بل ويجب أن يكون الطريق واحدًا والمنتهى واحدًا ألا وهو الحل.

وأعظم المشكلات نستطيع أن نجد لها الحلول إذا ما استخدمنا أسلوب العقل والمنطق والحوار البناء، وابتعدنا عن القوة والتحدي والجدال، إضافة لعامل مهم جدًّا وهو إشراك أصحاب المشكلات أنفسهم الذين حتمًا هم من سيساعدون في إيجاد الحلول؛ فأغلب المعضلات تأتي عندما يركن التعامل مع أصحاب المشكلات أنفسهم ويعوض عنهم بآخرون. إذن، فإنَّ المسألة هنا ليست في العجز أو الاستحالة في إيجاد الحلول للمشكلات، إنما في فهم ماهية الفكر والثقافة التي ترسَّخت في عقولنا؛ حيث لابد لنا من العمل على تغيير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للمشكلات؛ وذلك بتحويل تركيزنا للتفكير في البحث عن "الحلول" مستخدمين إسلوب الإبداع والإبتكار بدلاً من التركيز على "المشكلة" نفسها، وهذا التحول لابد له أن يأتي بعد دراسة جيدة لمعطيات وأهداف المشكلات حتى يسهل علينا طرح الحلول.

كما لابد لنا الاستفادة من المشكلة نفسها في إيجاد الحلول لها، ولغيرها من المشكلات الأخرى التي تتعلق بها؛ من خلال إشراك أصحاب المشكلات أنفسهم كما أسلفنا، مما يُمكِّننا من الحصول على أفكار وحلول مناسبة وجمع أكبر قدر من الافكار الممكنة، ومن ثم اختيار الأنسب منها لحل تلك المشكلة.

يقول العالم الأمريكي "لينوس بولينج" الحاصل على جائزة نوبل (لتحصل على حلول جيدة عليك الحصول على الكثير من الأفكار)؛ ففي بعض الأحيان تأتي الحلول من أشخاص لا تتوقع أن تجد لديهم الحل، فيبهروننا برأي أو فكرة تكون هي الأنسب، وهذا هو فن الإبداع في إيجاد الحلول. يُحكى أنه كان هناك ملك أعور وأعرج أقام مسابقة للرسامين لمن يرسمه بشكل حسن من غير أن يظهر عيوبه، فاحتار الرسامون كيف يرسمونه سليم العينين والقدمين وهو أعور أعرج، فتراجعوا جميعهم عن المشاركة، ما عدا رسام واحد دخل المسابقة؛ حيث نالت رسمته إعجاب واستحسان الملك وفاز بالجائزة، فقد رسم الملك وهو مُمسك ببندقية الصيد، مغمضا عينه العوراء، ويحني رجله العرجاء في وضعية الاستعداد لإطلاق النار وأمامه غزال، وبهذه الطريقة تمكَّن الرسام من رسم الملك بشكل حسن، دون أن يظهر عيوبه الخلقية؛ حيث أوجد الحل من المشكلة نفسها؛ فهذا الرسام لابد أنه اجتهد وفكر كثيرا قبل أن يصل لهذا الحل من خلال توظيف معوقات المشكلة؛ حيث لم ييأس كما فعل الآخرون.

لذلك؛ نستطيع القول إنَّ بداية الحل تبدأ من تحول الفكر والثقافة من التفكير السلبي في المشكلة نفسها إلى التفكير الإيجابي في الحلول، من خلال معطيات وأهداف المشكلة ومن ثم جمع أكبر قدر ممكن من الحلول لاختيار الأنسب منها.