فرنسا تدعو لـ"طريق أوروبي" بعد خروج بريطانيا والقلق من أمريكا
57% من الألمان يحملون وجهات نظر لا تتفق مع أمريكا
ترجمة- رنا عبدالحكيم
قالت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها إنَّ الدول الأوروبية تسعى للطلاق من الولايات المتحدة الأمريكية في ظل الخلافات وعدم التوافق في الرؤى بشأن عدد من الملفات والقضايا الدولية.
وبحسب مقال نشرته لبيتر روف المدير السابق للأبحاث في مكتب الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وهو زميل أيضًا في معهد هدسون في واشنطن العاصمة، فقد انعقد مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام تحت عنوان "عدم الاستقرار"، وتمحورت النقاشات حول علاقة الولايات المُتحدة وأوروبا، إذ إنهما لا تواجهان فقط مواقف متضاربة حول كافة القضايا، لكنهما أعلنا خلافات حادة حول اللبنات الأساسية للعلاقات الخارجية، أي كيف يجب أن يعمل النظام الدولي.
واستحوذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الأضواء وأسر قلوب الفدراليين الأوروبيين، عندما دعا إلى "طريق أوروبي" مع إثارة احتمال وجود رادع نووي أوروبي بقيادة فرنسا، وهو شرط مُسبق لأي استقلال حقيقي عن الولايات المتحدة.
ومن البديهي في العلاقات الدولية أن الديمقراطيات لا تخوض حربًا مع بعضها البعض، لكن الأمر الأقل وضوحًا هو الظروف التي قد تنفصل في ظلها عن الكتل الإستراتيجية المتنافسة، والتاريخ مليء بأمثلة للديمقراطيات التي تتضافر في تحالفات استراتيجية، لكن هناك أمثلة قليلة على قيام هذه الدول بفصلها وتحويلها إلى منافسين سياسيين.
وتساءلت الجريدة هل الولايات المتحدة وأقرب حلفائها في أوروبا على الطريق إلى الطلاق التاريخي؟، فطبقًا لاستطلاعات الرأي في ألمانيا والتي تعتبر أهم بلد في أوروبا 57% من الألمان يحملون وجهات نظر لا تتفق تمامًا مع الولايات المتحدة، وقبل بضعة أشهر، ذكر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن 70% من الألمان يريدون أن تظل بلادهم مُحايدة في أي صراع بين موسكو وواشنطن.
بالنسبة لبعض الألمان، يُنظر إلى الرأسمالية الأنجلوسكسونية على أنها بلا رحمة وبلا جذور، وتُخفي النظام الاجتماعي في خدمة الجشع الفردي، وبالنسبة للآخرين، فإنَّ هيمنة الولايات المتحدة على الغرب تولد الاستياء، خاصة في عصر العولمة، لكن الأهم من ذلك كله هو أن ألمانيا تشعر بالفزع لأن الولايات المتحدة، وخاصة إدارة الرئيس دونالد ترامب، لا تشاركها في تقديسها للطموح المركزي لمؤتمر الأمن في ميونيخ وهي الدبلوماسية متعددة الأطراف.
ومع شعور ألمانيا بالإحباط من الولايات المتحدة وانشغال المملكة المتحدة بالبريكست، كانت الفرصة سانحة لفرنسا للضغط في تحقيق أحلامها، وفي كل منعطف كان الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الحد من قوة الناتو، مما أدى إلى حدوث بعض التوترات بين باريس وواشنطن فالأخيرة تفضل وجود حلف الناتو أكثر نشاطًا.
ويسيطر على الطبقة السياسية في الولايات المتحدة شعور بأن أوروبا لن تتخلى عنها وذلك صحيح لثلاثة أسباب، الأول أنه لاتزال أوروبا منقسمة فيما بينها وكان ذلك جلياً في مؤتمر ميونيخ فأهم دولتين وهما ألمانيا وفرنسا على خلاف في العديد من القضايا والتي تمتد جذورها إلى الاختلافات حول الهيكل السياسي لأوروبا. أما السبب الثاني فبناءً على أي مؤشر قوة تقريباً، فإنَّ أوروبا في طريقها إلى الضعف، ويفتقر اقتصادها الخفي إلى ثقافة المخاطرة التي تنتج الابتكار، والديموغرافيا فيها تتحول من سيئ إلى أسوأ، فالقدرات العسكرية لأوروبا الغربية هي محل سخرية، عندما ينظر الأمريكيون إلى أوروبا، فإنهم يرون قارة متدهورة في حاجة إلى دعم الولايات المتحدة.
أما السبب الثالث فيدرك الأمريكيون أن أوروبا تفتقر إلى قوة جذابة. اليوم، لا توجد كتلة أخرى في العالم أوروبية أكثر من أمريكا. بعبارة أخرى، إذا انفصلت أوروبا حقًا عن الولايات المتحدة، فستجد صعوبة في إيجاد أطراف ثالثة تختارها على الولايات المتحدة. من القدس إلى طوكيو، يحافظ جميع الشركاء الطبيعيين لأوروبا على علاقات أوثق مع واشنطن من بروكسل.
ومع ذلك، فإن العالم مليء بخبراء مع عروض مغرية للتعاون على وجه الخصوص، تشجع أقوى دولتين غير ليبراليتين، الصين وروسيا، أوروبا على الابتعاد عن الولايات المتحدة. كلاهما يقدم بدائل بأسعار منخفضة للنظام الدولي الليبرالي في مجال الاتصالات والطاقة.