تطلعات للعهد الجديد (1- 3)

علي بن سالم كفيتان

إنَّ الواقع يُحتم علينا أن تكون نظرتنا للنَّهضة العُمانية المُتجددة في عهد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مبنية على أسس منطقية محتكمين للمعطيات الموجودة وبعيداً عن الحماس المفرط والشعور بالمظلومية ورسم صورة قاتمة لما كانت عليه الأمور قبل تولي جلالته- أيده الله- الحكم في 11 يناير 2020، وفي ذات الوقت لا يُنتظر أن يظل العهد الجديد رهين الجلباب القديم حبيساً لكل وقفاته وسكناته مما يُعطي صورة نمطية لا توحي بالأمل. وبين هذا وذاك يقف الجميع متحفزاً لمعرفة القرارات والتغيرات المرتقبة.

كعُمانيين منضبطين في مشاعرهم محبين لوطنهم ومخلصين لسلطانهم فلا نتوقع قرارات ارتجالية غير مدروسة تقود لتغيير جذري في المنظومة الحكومية رغم ذهاب البعض بعيدًا في هذا الأمر، لكن النظرة باتت أكثر اتجاها للملف الاقتصادي المُتعثر منذ قرابة الخمس سنوات ويرون في حلحلته أولوية قصوى غير قابلة للتأجيل عبر مراجعة سريعة للسلوك الاقتصادي الذي لم يوفق بإيجاد حلول بناءة لمعالجة تراجع الأداء خلال العقد الماضي ولجوئه إلى جيوب المواطنين عبر انتهاج السياسات الضريبية كحل وانتهاج سياسة تقشفية قاسية أوقفت التوظيف وجمدت الترقيات وصارت تلوح مرارا وتكرارا بفرض المزيد من الضرائب عبر استخدام أداة التأجيل كنوع من سياسة فرض الأمر الواقع.

إنَّ خلفية جلالة السلطان- أيده الله- العلمية المنطلقة من أرقى الجامعات المشهود لها بالمهنية والمصداقية العلمية وخاصةً فيما يتعلق بالجانب السياسي والاقتصادي تجعلنا متفائلين كثيراً بانعكاس ذلك على تحسن الأداء الاقتصادي من خلال تمكين نخب مالية كفؤة تستطيع قراءة الواقع وتجيد اقتراح الحلول من خارج جيوب المُواطنين. وهذا يقودنا لجدل صامت حدث على مواقع التواصل الاجتماعي طوال فترة الحداد رأى فيه الكثيرون أهمية إراحة المخضرمين وخاصة بعد أن أثبت الواقع تواضع مستويات الأداء بل وانحدارها بشكل غير مقبول مقارنة بالإمكانات البشرية والاقتصادية والموقع الجغرافي المميز للسلطنة والهدوء السياسي الذي تمتعت به البلاد واكتمال مشاريع البنية الأساسية ولسان حال هؤلاء يقول... إذا لم يكن كل ذلك شفيعاً لحدوث الرفاه الاجتماعي المنشود فمتى سيحدث إذا؟

إنَّ التقدم المحرز والمشهود في الجانب العسكري والأمني ولعبه لدور صمام الأمان في بلادنا برهنته المواقف الجلية في الأوقات العصيبة فقد أثبتت تلك الجهات إخلاصها وحياديتها ووفائها لعُمان الوطن عبر مشاهد الائتمان على منجزاته والحرص على نقل السلطة بكل هدوء وحزم، كل ذلك يجعلنا نفاخر بهذه المستويات العالية من المهنية الأمنية والعسكرية، ويدعونا في كافة أرجاء بلادنا لدعم هذا الصمام الذي ترتكز عليه كل مقومات الدولة الحديثة، ونعتقد أنَّ الأداء الاقتصادي الباهت يحمل يوميا تبعات جديدة للملف الأمني ويدفع به لساحات التعامل المباشر مع المواطنين سواء عبر معالجات معقدة لمشاكل اجتماعية ظهرت نتيجة للتراجع الاقتصادي؛ كالتهريب وتنامي تجارة الممنوعات، وحتى الوصول للمواجهة الفعلية في حال اللجوء للتعبير عن الرأي من جراء التحديات الاقتصادية.

لا شك أنَّ السياسة الخارجية ناجحة بامتياز رغم عدم إدراك الكثيرين لبعض المواقف المستجدة من القضية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، لكن ثقتنا بهذه السياسة غير محدودة خاصة وأن مولانا جلالة السلطان- أيده الله- رجل سياسة من الطراز الرفيع فقد كانت هي ساحته الأولى في تقلد المناصب الرسمية وقضى فيها قرابة عقد من الزمن.

ختاماً.. الملف الاقتصادي هو الملف الذي يعاني وهو الذي يضعف بقية الملفات في البلاد رغم قوتها ورسوخها لذا يترقب الشارع العُماني تغييرا حتميا وسريعا في الشق الاقتصادي بما يوائم العهد الجديد لمولانا جلالة السلطان- أبقاه الله- ويُعطي دفعة قوية من الأمل بحياة أفضل في وطن الخير والنماء.