علي بن سالم كفيتان
حدَّثني رجل عابر قائلًا "لا بُد أن تطفئ الأنوار؛ فالطريق معتم"، وذهب إلى حال سبيله؛ فتوقفت مذهولًا من تناقض كلماته، لكنني لم أصدقه وأشعلت كل الأضواء، لأكتشف بعدها أنه لا يوجد طريق بعد هذه المحطة، فعلمت أنَّه صادق!
*****
سقطت على رأسي ثمرة يابسة فكرت في زراعتها تحت أمها، لكنني نسيتها في جيبي لاكتشف لاحقاً أن ثوبي تحول للون جديد بعد أن غُسِل، فعلمتُ في حينها أن تلك البذرة الضامرة أعطت ثوبي لونًا زاهيًا.
*****
رأيت مجموعة طيور على شجرة في حديث صاخب أمعنت النظر في المشهد؛ فوجدت محكمة تتكون من قاضٍ وشهود ومحامٍ، بينما الطائر المتهم يجثو على غصن دون حراك، بعدها غادر الجميع وبقي المتهم. اقتربت منه لأتفحص الوضع عندما حركت الغصن سقط المتهم دون حراك فعلمت أنَّه حكم عليه بالموت فمات.
*****
تحقُّق الأحلام المتأخرة يُدخل صاحبها في صراع غير متكافئ مع الواقع، كمن أراد الزواج في سن متأخر، وآخر حقق الثراء في آخر عمره، وثالث جرته الأقدار لمنصب أو جاهٍ في الوقت الضائع.
*****
استلمتُ فاتورة من عامل محطة الوقود وقذفتها في المكان الذي أضع فيه كوب الشاي كل صباح تراكمت تلك الأوراق حتى أسقطت الكوب في يوم من الأيام، اكتشفت أننا نحب جمع الأوراق لا شعوريًا، بينما جميع تلك الفواتير تأتيني على الهاتف عقب كل عملية شراء.
*****
تمايل الظل ذات نهار، وأنا تحت شجرة حتى أصبحت في الشمس، والظل ذهب بعيدًا عني، وكان أمامي خياران؛ إما ملاحقة الظل أو الانتظار في الشمس حتى يأتي الليل ليعوضني عن وهج ذلك العصر؛ فاخترت عوض الليل عن ملاحقة الظل.
*****
بينما كان الراعي يتمايل طربًا مع نوقه التي ترزم خلفه، صاح ثعلب من طرف الوادي، وقف القطيع والتفتت النوق للخلف لترى مصدر الصوت، فأكملت مسيرها غير آبهة.
*****
قال شاب يبحث عن عمل لا تقنعني أنك إنسان خارق لتصبح على هذا المقعد، مجرد خدمتك الظروف ووجدت إرادة استطاعت أن تصنع منك ما أنت عليه اليوم.
*****
عُدت مريضًا يرقد في مشفى ينتظر فرج الله عليه بعودة الصحة، كان حزينًا خائفًا ومرتبكًا، بينما المُمرِّضات يقهقهن ويمازحن الطبيب الوافد وهو يلبس قفازاته، وفجاءة استعاد الطبيب حزمه، واقبل مكفهرًا عبوسًا على المريض وخلفه كتيبة الممرضات وطبيب متدرب يحمل كشكولًا. وقفوا جميعًا على رأس المريض، وتلت الممرضة الوافدة المُناوِبة حالة المريض بلغة إنجليزية لبضع دقائق، ثم أطلق الطبيب يده ليضعها على شريان المريض، وقذف بسماعته على صدره المتحشرج، وانتقل على الفور إلى مريض آخر، وفي كل مرة تتلو ذات الممرضة نفس الكلام، وكأنها أحكام قضائية بالإعدام.
