عهدٌ جديد.. نَفَس جديد

خلفان الطوقي

مع انقضاء 40 يوما -وهي فترة الحداد- فإنَّ العُمانيين متفائلون ويستبشرون بعهد جديد ونَفَسا جديد يُواصل من خلاله السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ما بدأه السلطان قابوس بن سعيد -جعل الجنة مثواه- والمراقب للوضع يستطيع أن يقرأ ما بين السطور لأسباب استبشار معظم العُمانيين، وهذا المقال سيُحاول رصد أهم الأسباب -قدر الإمكان- وشرحها بشكل مُبسَّط ومُختصر، ويُمكن تقسيمها إلى أسباب نفسية وهيكلية وتشريعية وإدارية واقتصادية.

أما بالنسبة للأسباب النفسية، فمن الطبيعي أن يستبشر الإنسان بكل ما هو جديد؛ فما بالك بسلطان توافق عليه الجميع، وأتت تزكيته من سلطان القلوب وبمن وثق فيه شعبه طيلة 50 عاما، أضف إلى ذلك أنَّ السلطان هيثم يحمل خبرات عملية تراكمية امتدت لما يقرب من 40 عاما، وتأهيلا علميا مميزا وصفات شخصية رائعة يتداولها معارفه ومن عاشره، اخترق من خلالها حب وثقة الناس فيه حتى قبل أن يتقلد الحكم.

أمَّا الأسباب الهيكلية، فيرى الكثير من المواطنون أنَّ جلالة السلطان يستطيع أن يعيد هيكلة الجهات الحكومية، ويقلص عدد منها، خاصة التي تتشابه في اختصاصاتها ومسؤوليتها، وبما يخدم المصلحة العامة ويزيد من إنتاجيتها وإنتاجية أفرادها، ويقلل من تداخل الصلاحيات والمهام الذي انعكس في زيادة بيروقراطيتها وترهُّلها، ويضغط على ميزانية الدولة بدون عائد ملموس، أضف إلى ذلك استطاعته تقليل عدد من الوظائف الفخرية والشرفية التي لا حاجة لها في هذا العهد الجديد، والتي أرهقت وما زالت ترهق ميزانية الدولة، والاكتفاء بالوظائف الإنتاجية التي تسهم في تنمية الدولة.

أمَّا بالنسبة للأسباب التشريعية، فيعتقد الكثير من المتابعين أن عددا من المبادرات الوطنية السابقة ومنها الحالية، لم تحقق النتائج المرجوَّة والمستهدفة، والسبب يعود إلى تداخل وتشابه الصلاحيات والمسؤوليات في بعض الجهات الحكومية يجعل في أحيان كثيرة وصول هذه المبادرات إلى طريق مسدود، فيحتاج لها "منقذا وطبيبا"، خاصة في هذا التوقيت الحساس الذي لا يحتمل أي تاخير كالسلطان هيثم، الذي بإمكانه أن يقوم بعمليات جراحية سريعة بعد الحصول على التشخيص المناسب، والتي هدفها إزالة التشابك والتداخل قدر الإمكان، وتحقيق الإنسجام والتكامل الضامن لتحقيق نتائج أفضل مما سبق بكثير؛ فبمجرد عمل خطوة إعادة الهيكلة وتجديد التشريعات، فإن تحقيق نتائج أفضل سيكون سهلا ومتاحا، وبذلك سوف تتحقق أهداف إدارية ومالية تعود بالفوائد المرجوة المحققة لاستدامة الدولة وتنميتها.

وأخيرا.. يرى معظم الناس أنَّ السلطنة بحاجة لشخصية واعية ومدركة وقوية ومؤهلة وقيادية وإدارية محنكة كشخصية السلطان المعظم -أيَّده الله- إلى مساعدة السلطنة في التركيز على الملف الاقتصادي، والخروج من الأزمة الاقتصادية وآثارها المعروفة للجميع وتحدياتها التي وصلت في هذا التوقيت إلى أعلاها، فمن حق العمانيين أن يستبشروا بسلطانهم الجديد الذي يحمل دما ونفسا وفكرا جديدًا متوقدًا يدفع بالإنسان العماني والعملية التنموية وجميع مناحي الحياة إلى الأمام.