عُمان قابوس.. صناعة السلام للعالم

 

مسعود الحمداني

(1)

"قابوس رجل السلام"، عالَمٌ من غمام، وسيرة من خزامى وياسمين، يكفيه خلودا أنه أخرج وطنه من عزلته، وسار به نحو العلياء، لم يكل، ولم يمل، أعطى وما بخل، وأغدق وما شح، وحمله في قلبه أينما حل وارتحل، صنع له مجدا بعد أن بدأ نجمه يخبو، وأعلن عن ولادة أمة وشعب جديدين، فصارت عمان قبلة الحالمين بالسلام، ومحط أنظار العالم.

(2)

لم يمت قابوس، فهو موجود في كل مكان، أثره يشهد عليه، وسيرته تسبقه، وأفعاله الكريمة تزهر كل يوم، وإنسانيته العظيمة تتجلّى عند كل موقف، وخطاه تشهد له أنه ما ترك بقعة في عُمان إلا وأعطاها من اهتمامه، ورعايته، ولم ينسَ شبرا على جبل، أو في سهل، إلا وفتح له بابا من الحياة الكريمة.

(3)

لم يكن قابوس مجرد قائد لوطن، بل كان أبا لشعب، يحنو على صغيره، ويوقر كبيره، ويعطف على المحتاج، ولا ينسى عجوزا أو فقيرا إلا ومد لهم يد العون والرحمة، فالقلب الكبير الذي حمله كان يتسع للجميع، حتى لأولئك الذين حاولوا الإساءة إليه، إلا أنه بقي كالجبل الأشم ينظر إلى المارقين بتسامح واسع قلّ نظيره، وبحبٍ يندر وجوده، وهو القادر على البطش بهم إن أراد، ولكن حلمه سبق غضبه، ورحمته سبقت سخطه عليهم.. فالجميع يستحق فرصة أخرى لينظر للأمور من زاوية أكثر اتساعا.

(4)

لعلّ الأسرار والحكايات التي تتالت بعد وفاة السلطان قابوس ـ طيّب الله ثراه ـ زادته نورا، ووقارا، واحتراما في قلوب العالم، فيده البيضاء التي امتدت بالخير للجميع في السر والعلن كانت مثار إعجاب الناس، ومثالا للعطاء الذي لا يتبع الصدقة بالمنّ والأذى، فصنائعه وصلت إلى أصقاع الأرض، وسخاء يده لم يقصر أبدا، ولم يكن الإعلام وسيلته للإعلان عن أفعال الخير، بل كان يتقي ذلك بالإحسان البيّن، دون ضجيج أو افتعال.

(5)

سيذكر العالم السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ سعيه الحثيث للسلام، وتجنيبه لوطنه ويلات الحروب والكوارث، ونصائحه التي أسداها للمتخاصمين أو المتحاكمين عنده، والتي كانت كنوزا من كنوز الحكمة، من سمعها وعمل بها فاز، ومن سمعها وعمل عكسها تحولت بلاده إلى جحيم، وما أكثر الأمثلة، ولعل السياسة الحكيمة التي انتهجها، ووجوده الشخصي كان لهما أثر كبير في نزع فتيل العديد من الأزمات والحروب من المنطقة.

هكذا كان السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ قائدا حكيما، مثيرا للإعجاب، قلّ أن يجود الزمان بمثله، ستفتقده عُمان وأهلها كثيرا، ولكن يبقى عزاؤهم في السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ حيث تواصل السلطنة دورها التاريخي في صنع المجد والسلام لها وللعالم.

 

 

Samawat2004@live.com