الأوساط العالمية تترقب "اللقاح".. والبورصات تتأرجح

تأثيرات اقتصادية "متواضعة" لفيروس كورونا على النمو العالمي

 

◄ الصين لأمريكا: "الصديق وقت الضيق".. والشركات الأمريكية ليست بعيدة عن الضرر

◄ اجتماع وشيك لـ"أوبك +" للحد من تراجعات النفط

◄ "آبل" الأمريكية تتأثر سلبيا بعد غلق متاجرها في الصين.. وتراجع محتمل في الأرباح

◄ تأثير واضح على النفط مع انخفاض سعر البرميل دون 54 دولارا

◄ الرمحي يشارك في اجتماعات "أوبك بلس" قريبا

◄ الحكومة الصينية تخصص 4 مليارات دولار لمكافحة الفيروس

◄ تقارير دولية تؤكد عدم قدرة الفيروس على تقويض النمو الهائل في الصين

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

أجمعتْ تقارير اقتصادية دولية على أنَّ التأثيرات المحتملة لفيروس كورونا المستجد ستكون "متواضعة" على نمو الاقتصاد العالمي؛ وذلك في وقت تتزايد فيه المخاوف من أي تأثيرات سلبية، تزامنا مع مرور الاقتصاد العالمي بحالة من الضعف وتوقعات بالركود.

وعلى الرغم من عدم التوصل إلى لقاح ناجع يعالج الفيروس، إلا أن بعض شركات الأدوية، ومنها شركات أمريكية عملاقة، تستهدف جني ملايين الدولارات من الأرباح في حالة توصلها إلى مصل للفيروس، مثل شركة إنوفيو ومقرها ولاية بنسلفانيا؛ وشركة جونسون آند جونسون ومقرها ولاية نيوجيرسي؛ وشركة مودرنا بولاية ماساتشوستس؛ وشركة نوفافاكس ومقرها ولاية مريلاند؛ الأمر الذي عزز الاتهامات بوقوف الولايات المتحدة خلف انتشار هذا الفيروس القاتل، خاصة إذا ما اتَّضح أن توقعات النمو الاقتصادي في الصين تراجعت، مهددة بتباطؤ نمو التنين.

الاتهامات بالفعل تعزَّزت بعدما أعلن ويلبور روس وزير التجارة الأمريكي، أنَّ الفيروس "قد يساعد في استعادة الولايات المتحدة لفرص العمل". الصين من جانبها ردت على حديث الوزير الأمريكي، حيث انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينج "التصريحات الأمريكية غير الودية"، وقالت: "الصديق وقت الضيق، والكثير من بلدان العالم قدمت الدعم للصين بمختلف الوسائل، وعلى النقيض تماما من ذلك، كانت تصرفات وتصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين منافية للحقيقة وأيضا غير لائقة".

وعلى الرغم من أن الفيروس نشأ وانتشر في الصين، إلا أن الآثار الجانبية للعدوى ربما تصيب الولايات المتحدة، والتي لا يمكن نكران استفادتها من كبح جماح النمو الصيني، فبعض الشركات الأمريكية تضررت بالفعل. فبحسب أحدث تقارير وكالة التصنيف "موديز" -والذي حصلت "الرؤية" على نسخة منه- فإن فيروس كورونا سيتسبب في تباطؤ نمو عائدات شركة آبل؛ إذ يوضح التقرير أن ارتفاع عوائد الشركة بنسبة قاربت 9.5% في الربع الأول من السنة المالية 2020 (والتي بدأت في أول أكتوبر 2019) كان الفضل الأكبر فيها لمبيعات في الصين، لكن مع تفشي فيروس كورونا، ستتأثر الشركة سلبًا خلال الربعين المقبلين.

متضرر أمريكي آخر تتوقعه "موديز"، وهو شركات الطيران ومنها الأمريكية مثل "يونايتد إيرلاينز"؛ وجاء في التقرير أن تفشي المرض أدى إلى انخفاض حاد في حجوزات شركات الطيران العالمية التي تخدم منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وأعلن عدد من شركات الطيران حول العالم إلغاء الرحلات الجوية من وإلى الصين، وهو ما يُنذر بتأثيرات سلبية على أداء هذه الشركات؛ باعتبار أن السوق الصيني من أضخم الأسواق في العالم.

والتأثيرات المتوقعة بحسب "موديز" لن تنحصر فقط في شركات الطيران، لكنها أيضا ستؤثر على المطارات الأمريكية والشركات التي تديرها؛ فالتحذير الذي أطلقته الإدارة الأمريكية بـ"عدم السفر" يعد الأقوى على الإطلاق منذ الحديث عن الفيروس. وتؤكد وكالة التصنيف العالمية أن التأثير سيكون سلبيا على المطارات الأمريكية وسيزيد التأثير قتامة في حالة انتشار وتوسع الفيروس.

 

النفط.. أعراض جانبية

وعانتْ غالبية الدول المصدِّرة للنفط من أعراض جانبية قوية؛ حيث تراجع الطلب الصيني على النفط؛ مما ضغط مباشرة على الأسعار، وبدأت الخسائر تصل إلى الأصفار التسعة وتتخطاها؛ إذ إن الدولار الواحد الذي يفقده سعر البرميل يتحول إلى نحو مليون دولار يوميا لدى أصغر المصدِّرين. وفي السلطنة، فإن كل دولار للبرميل يساوي أكثر من 900 ألف دولار يوميا؛ مما يعكس أهمية السعر التحوطي الذي أعلنت عنه الحكومة في الموازنة العامة للسنة الحالية، فقد تراجع سعر البرميل حاليا لينخفض إلى 54 دولارا، وهو أقل من السعر المقدَّر بنحو 4 دولارات، ومن المتوقع أن يتحسن السعر قريبا بمجرد انقشاع الفيروس.

وما يدُعو للتفاؤل بشأن تحسن أسعار النفط، هو ما أكدته الدول المنتجة من منظمة أوبك وخارجها، من أنهم يتابعون ويرصدون، وسيتخذون بالفعل القرارات اللازمة لمواجهة انخفاض الطلب وتداعيات الفيروس.

وعلمتْ "الرؤية" أنَّه من المنتظر أن يشارك معالي الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز في اجتماع طارئ يعقد للدول المنتجة ضمن مجموعة "أوبك بلس" خلال الأسابيع المقبلة؛ وذلك رغم عدم حضور السلطنة اجتماع اللجنة الفنية التي بدأت أمس في فيينا، خاصة مع شبه الإجماع على أنَّ التوجه في توصيتها سيكون نحو خفض الإنتاج، وهو ما ستقرره اللجنة الوزارية المقبلة.

 

الصين تسارع نحو الشفاء

الدولة الصينية كانت على قَدر الحدث، وتعاطتْ مع الفيروس باحترافية شديدة، عكستها تصريحات كبار المسؤولين في الصنين، بمن فيهم الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي ترأس اجتماعا لبحث تفشي فيروس كورونا المستجد للسيطرة عليه. وأكد الرئيس شي أنَّ المهمة الأكثر إلحاحا الآن تكمن في تنفيذ الترتيبات بكل تفاصيلها، داعيا إلى اتخاذ إجراءات سريعة وحازمة لاحتواء تفشي الوباء، وأن قضية الوقاية من الوباء والسيطرة عليه ليست صحية فقط، ولكنها أيضا مهمة شاملة تتطلب دعما عاما وشاملا. وشن هجوما على من يعطل العمل الوقائي بسبب البيروقراطية، كما وصفها بممارسة "الشكليات من أجل الشكليات"، بل وحذَّر الذين يخالفون القيادة الموحدة أو يتهربون من المسؤوليات، بأنهم سيعاقبون، مضيفا أن قادة الحزب والحكومة الذين يشرفون عليهم سيخضعون للمساءلة أيضا في الحالات الشديدة.

وعلى الرغم من أن التأثيرات الفعلية للفيروس ستتضح بعد شهور، إلا أن ما صدر من تقارير اقتصادية يبدو مطمئنا؛ فقد ذكر تقرير أصدره معهد شانجهاي للدراسات الدولية، أنه لا يمكن خفض تقدير الاقتصاد الصيني وسط تفشي الالتهاب الرئوي المرتبط بفيروس كورونا المستجد، على الرغم من أن الوباء شكل ضررا مباشرا على قطاعات الخدمة والصناعة التحويلية والتجارة.

وبحسب ما جاء في التقرير، فإنَّ الحكومة الصينية تمتلك قدرة مالية قوية على إدارة الأزمة؛ حيث تم تقديم ما إجماليه 27.3 مليار يوان (حوالي 4 مليارات دولار أمريكي) من قبل الحكومات على جميع المستويات لمكافحة الوباء حتى 29 يناير الماضي، مُتوقِّعا على المدى الطويل، عدم قدرة الفيروس على تقويض القدرة الهائلة للاستهلاك والتحضر والمجالات الاقتصادية الجديدة؛ مثل: اتصالات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي في الصين، كما توقع أن يتم اتخاذ إجراءات جديدة لحفز الاقتصاد خلال الأعوام الخمسة المقبلة".

وتوقع تقرير جولدمان ساكس أن الضرر الواقع على النمو العالمي في 2020 جراء فيروس كورونا سيكون متواضعا؛ وذلك في حال التمكن من خفض معدلات الإصابة الجديدة بشكل كبير بحلول نهاية الربع الأول.

تعليق عبر الفيس بوك