كنت أتمنى البقاء في السلطنة.. لكن الظروف العائلية أكبر مني

الشاذلي المبروكي: رحلت عن "الأحمر" لضعف المقابل المادي وعدم قدرتي على دفع مصاريف أبنائي

...
...
...
...

 

الرؤية - وليد الخفيف - أحمد البوسعيدي

انتهَى مشوار المدرِّب التونسي الشاذلي المبروكي مع الكرة العمانية، بعد رحلة طويلة استمرَّت لأكثر من عشر سنوات، قضاها مُدافعًا عن ألوان المنتخبات الوطنية وصولاً للمنتخب الأول.

وأرجع المبروكي مدرب حراس مرمى منتخبنا الوطني الأول، رحيله إلى الظروف العائلية والمادية التي حالتْ دون قدرته على سداد المصروفات الدراسية لأبنائه للبقاء في السلطنة، لافتًا إلى أنَّ المفاوضات الأخيرة لم تُفضِ إلى جديد ليأتي وقت الرحيل.

وقال المبروكي في حوار لـ"الرؤية": راض عن كل ما قدمته للمنتخبات الوطنية طوال فترة عملي التي بدأت من العام 2009 وحتى ديسمبر 2019، وقدمت كل ما يلزم لتطوير حراس المرمى، ونجحت في تطوير مُستواهم وخلق قاعدة من الحراس الصَّاعدين القادرين على حمل الراية وارتداء قفاز الإجادة باقتدار.

وأعرب المبروكي عن أمنياته بالتوفيق والسداد لبرانكو إيفانكوفينتش المدير الفني الجديد للمنتخب، وجهازه المعاون.. قائلاً: أتمنى لهم التوفيق وتحقيق الأهداف المتَّفق عليها مع اتحاد الكرة، وإرضاء طموحات الجماهير وتطلعاتهم. وقال المبروكي -عشية مغادرته مسقط: غدًا، سأغادر البلد الذي أحببته مُوجِّها البوصلة صوب فرنسا حيث تعيش أسرتي، وأحتاج لعدة أشهر للاسترخاء، ومن ثم البت في العروض التي تلقيتها.

وعن سيرته الذاتية، قال المبروكي: أحمل درجة أستاذ في التربية البدنية من تونس، ولي خبرة كحارس مرمى في العديد من الأندية التونسية، ثم مدربا للأندية والمنتخبات التونسية، ومحاضر إفريقي معتمد، وأمتلك بعض الدراسات المطبقة في عالم تدريب حراس المرمى.

وعن قصة تعاقده مع المنتخب الوطني، قال: لقد كان من حُسن الطالع أن التقيت أحمد البلوشي المدير الفني للاتحاد، ومعه سعيد الشامسي -رحمه الله- وذلك في العام 2009، والتقوا بي وتباعوا عن كثب المشروع الوطني لتدريب حراس المرمى في تونس؛ حيث كُنت أشرف عليه في هذا التوقيت، وأعجبوا بما أقدمه، فعرضوا عليَّ العمل في السلطنة فقبلت بتِرحَاب، وتوليت تدريب منتخبات المراحل السنية، من براعم وناشئين وشباب، ثم المنتخب الأول. وأضاف: حظيت باهتمام ورعاية كبيرة من قبل السيد خالد بن حمد رئيس اتحاد كرة القدم السابق، وحصلت على لقب كأس الخليج مع منتخب الشباب الذي كان يقُوده آنذاك رشيد جابر، كما كتب لنا أيضا بلوغ نهائيات آسيا لأول مرة في تاريخ المنتخب.

وتابع المبروكي: ترقيت للمنتخب الأول، وعايشت بعض لاعبي الجيل الذهبي، والخامة والموهبة متوفرة بسخاء في عمان، فتطور معي الحراس وأصبح مركزًا آمنا.

وعن السبب المباشر وراء رحيله، قال: كنت أودُّ البقاء في عُمان حتى نهاية علاقتي بكرة القدم، ولقد عشقت هذا البلد الطيب، ويربُطني بأهله علاقات وطيدة وأعتبرته وطنا أدافع عن ألوانه، مثلما أدافع عن ألوان تونس، ولكنَّ الظروف العائلية والمادية وقفت عائقًا أمام استمراري في موقعي. وأضاف: كنت أعيش وحيدًا في عُمان دون عائلتي التي تقيم في فرنسا بعد الحصول على كأس الخليج عام 2015 مع رشيد جابر، استقلت من منصبي على أمل العودة لأسرتي، ولكن رشيد جابر وأحمد البلوشي أقنعاني بالبقاء في السلطنة، فضلاً عن رغبة السيد خالد الذي شملني بدعم كبيرًا آنذاك. وأشار المبروكي إلى أن مجلس إدارة اتحاد كرة القدم الحالي حاول إقناعه بالاستمرار، فاجتمع معه النائب الثاني الدكتور جاسم الشكيلي، أعقبها جلسة مع النائب الأول محسن المسروري، غير أن طلبه لم يلقَ قبول مجلس الإدارة رغم مساعي النائبيْن لتلبيته.

وقال المبروكي: لديَّ ثلاثة أولاد منهم اثنان يدرسان في المدرسة الفرنسية بمبلغ يقدر بـ1200 ريال عماني شهريا. يتبقى لي 400 ريال فقط من راتبي، وهو مبلغ غير كاف للإنفاق على أسرتي، كما أنه يحول دون قدرتي على إلحاق ابنتي الثالثة بالمدرسة نفسها؛ لذا طبلت مساعدة الاتحاد في إلحاق ابنتي بالمدرسة من أجل البقاء في عمان، غير أن ذلك لم يتحقق، فلم أجد سبيلاً سوى الرحيل.

وأضاف المبروكي: حاول الدكتور جاسم التوصل لحل يضمن استمراري، فعرض الأمر على رئيس الاتحاد الذي أبدى مرونة في بادئ الأمر، غير أن الرد الرسمي لم يصلني، ولا ألوم الاتحاد فربما وضعهم المالي لا يسمح، في الأخير هي مفاوضات وأنا أقبل نتائجها. وتابع: لقد سعيت للمحافظة على مستوى الحبسي فهو أسطورة حراس المرمى العرب، وتطور معي مستوى فايز الرشيدي الذي نال لقب أفضل حارس في الخليج، ووضعت برنامجًا طويل الأجل لترسيخ القاعدة التي تزخر بأسماء قادرة على حمل الشارة باقتدار لسنوات طويلة.

وأضاف: لقد كُنت شريكا في عدة نجاحات؛ أبرزها: اقترابنا من بلوغ كأس العالم لولا الخسارة من الأردن في المرحلة الأخيرة، فضلا على نيل لقب الخليج في الكويت ولقب الخليج مع منتخب الشباب. وقال المبروكي: استغنى الاتحاد عن الأسترالي جيم سيلبي، والمصري فتحي نصير، والمغربي حسن حرمة الله، وأعتقد أنَّ أحدهم لم يُضف جديدًا لملف المراحل السنية أو تطوير المسابقات أو كرة القدم ككل، ولقد كانت فترة أحمد البلوشي زاخرة بإنتاج عناصر مميزة انعكاسا لعمل كبير على مستوى المراحل السنية.

وأضاف المدير الفني للحراس: مشروع مراكز النخبة الذي تبنَّاه أحمد البلوشي مع تدشين دوري ومنتخبات المناطق، كان له دوره في فوز منتخب الناشئين بلقب الخليج في تلك الفترة، تزامنًا مع عمل مماثل على مستوى البراعم، ولقد كانت المخرجات رائعة مثل أرشد العلوي وزاهر الأغبري وصلاح اليحيائي وبلال البلوشي وأحمد فرج... وغيرهم كثيرون.

وحول علاقته برئيس الاتحاد الحالي سالم الوهيبي، قال: تلقيت دعمه ومساندته، ولم يجمعني به سوى اجتماع وحيد عندما تعثَّر حصولي على كامل مستحقاتي المالية؛ حيث حصلت على النصف وتأجل حصولي على الباقي لشهر أبريل؛ لذا قابلت رئيس الاتحاد الذي حاول ولكن في الأخير قال لي إن الاتحاد سيرسل لي المستحقات على فرنسا في شهر أبريل.

وحول وجهته القادمة، قال: تلقيت عدة عروض؛ أبرزها: العودة لتونس لتدريب حراس المنتخب الأول، والعمل كمدير فني لتطوير حراس المرمى، ولكنني رفضت لأنَّ عائلتي تقيم في فرنسا، وتلقيت اتصالاً من لوبيز كارو للعمل معه في إسبانيا، وتلقيت عرضًا في العام 2016 من أكاديمية إسباير القطرية، وفي نفس العام من نادي الفجيرة الإماراتي، ومن أحد منتخبات المراحل السنية في دولة الإمارات العربية. العروض ماليًّا كانت أعلى، غير أنني فضلت البقاء في عُمان وإن دعوني فأسعود ملبيا النداء.

وختم قائلاً: قبل الرحيل، لابد أن أشكر الشعب العماني على كرمه، والسيد خالد بن حمد على اهتمامه، وأود أيضا أن أشكر الدكتور جاسم الشكيلي وأحمد البلوشي على مساندتهما الدائمة لي، والبلوشي هو دُرة تاج أضعها على رأسي، وأترحَّم على سعيد الشامسي، وأتمنى التوفيق والسداد للأحمر العماني.

تعليق عبر الفيس بوك