رحل قائد وخلفه قائد

د. أحمد بن عبدالكريم بن عبدالله

 

غادر الدنيا ولم يغادر قلوب أبنائه العمانيين، رحل القائد الحكيم الملهم رحل القائد الباني المحول الذي شيّد نهضة عُمان الحديثة وحولها إلى دولة عصرية ثابتة الأسس والبنيان تحكمها الأنظمة والقوانين والتشريعات، رحل بعدما أمضى عمره يفكر ويخطط ينظم وينفذ أحب وطنه فأحبه وطنه الذي ضحى من أجله، فجال سهوله وأوديته صحراءه وسيوحه وجباله، يستمع للصغار والكبار، للشيوخ والأعيان والوجهاء، ولأهل العلم والفكر والثقافة من أبناء الوطن يستمع إليهم جميعًا يشاورهم ويشاركهم الرأي، فهو يرى كل أبناء الوطن أبناءه أحبهم فأحبوه وأحب أن يكون دائماً قريباً منهم فسكن في قلوب الجميع، كان عطوفا لطيفا سمحا رحيما كريما ودودا خلوقا،  ذا فكر وقيم ومبادئ ونظرة ثاقبة بعيدة الأفق، صبورا متماسكا جلدا له إرادة وعزيمة وهمة عالية ومواقف عظيمة سجلها التاريخ في سجله الخالد، كان محبًا للخير والعدل والسلام وداعمًا لها ولكل ما يخدم مصلحة شعبه ووطنه وعروبته ودينه والإنسانية أجمع.

كان خطيبا ومستمعا معلما وموجها ناصحا ومحفزا مطورا وطموحا، أتى وهو يحمل معه رسالة لعُمان وشعبها فقال في خطابه عندما أستلم مقاليد الحكم في عُمان (إنني لم آتِ حاكماً لقد أتيت ومعي رسالة لشعبي)، نعم لقد أتى يحمل معه رسالة البناء والتطوير والتقدم للإنسان قبل البنيان حيث قال مقولته المشهورة (سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة) . لقد كان مواصلا الليل بالنهار لم يسكن أو يهدأ له بال ولم يعرف الراحة حتى حقق رسالته التي أتى من أجلها ليرى وطنه في مصاف الدول المتطورة والمتحضرة، حمّل نفسه أمانة البناء والتطوير والازدهار لوطنه وشعبه إلى آخر حياته، فبنى وطنًا متقدمًا متحضرا وشعبا محبا مخلصا، كان مثالا في كل شيء ذا عزة وهيبة ووقار  له شخصية كاريزمية مؤثرة نال بها الاحترام والتقدير، فبنى لنفسه ووطنه علاقات وطيدة حتى أتفق عليه جميع الأضداد وخلت بلاده من أي عداوات فأصبح صديق الجميع.

إنِّ الحديث عن الشخصية القيادية للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور رحمه الله تعالى لا يوفيه مجال ولا تتسع له مجلدات، فهو شخصية قيادية متميزة نادرة اجتمعت فيها أسمى الخصال والصفات العظيمة والأخلاق النبيلة مما جعله يبقى خالدا في ذاكرة شعبه والتاريخ.

رحم الله الأب والقائد الحكيم جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمة الأبرار الصالحين الذي عاهد فصدق ووعد فأوفى، فبنى لنا وطنًا نفاخر به بين الأوطان وشعبا يحترمه الجميع، ووفق الله مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان القائد هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد وسدد على دروب الخير خطاه، فهو وصية القائد الذي اختاره لحمل الأمانة واستكمال مسيرة البناء والتطور للوطن الذي قال فيه صاحب السُّمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة في زيارته الأخيرة للعزاء "قابوس لم يمت وأنتم موجودون".

 

تويتر: Dr_aakareem @

الأكثر قراءة