يوسف عوض العازمي
** كاتب كويتي
تويتر: alzmi1969@
"عمان اليوم غيرها بالأمس، فقد تبدل وجهها الشاحب، ونفضت عنها غبار العزلة والجمود، وانطلقت تفتح أبوابها ونوافذها للنور الجديد"
قابوس بن سعيد،،
تشكّلت حقبة تاريخية مهمة من تاريخ المنطقة عامة، وفي تاريخ عمان خاصة، مع وفاة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- هذه الحقبة سيكتب لها وعنها التاريخ المعاصر والتاريخ المستقبلي، لا شك أنّ الفترة التي حكم خلالها قابوس كانت تدور حول تغيّرات وتغييرات وتحولات جيوسياسية مختلفة، وكانت المنعطفات الخطرة أثناء طريق الحكم أكثر من الطرق المُعبدة، لكنّه استطاع بنفاذ بصيرته وحكمته، التوجّه بسفينة عمان نحو المرفأ الآمن.
بداية حكمه - رحمه الله- كانت زاخرة بالأحداث محليا، وإنهاء الوضع الداخلي المتصعب ألزم القائد باتخاذ قرارات صارمة مفصلية ليس فقط لإنقاذ الأم والتضحية بالجنين، بل لإنقاذ الأم والجنين معا، ونجح بالتمكن من تنظيف الأراضي العمانية من المجموعات المسلحة، وبنفس الوقت وبنظرة ثاقبة بعيدة النظر، استطاع استمالة العديد من أفراد وعناصر المجموعات لاستيعابها في صفوف القوات النظامية، وهذه إشكالية لا يستطيع أي قائد حل عقدها، لكنّه بتوفيق الله حلها وحلحل عقدها.
وبعد استتباب الأمن وصيانة الاستقرار، اتجه قائد عمان الحديثة للتنمية وإدارة الدولة داخليا بنَفَسٍ عصري جديد، واتبع سياسة خارجية متطورة بعيدة عن المحاور والاستقطابات؛ حيث برزت السياسة العمانية بقدرتها على الانسجام والتعامل المرن مع مختلف تطورات السياسة، وكانت عمان رقما صعبا في أتون البحار السياسية الهائجة، ويدل ذلك على سياسة النأي الإيجابية، مما أبعد السلطنة وحتى شعبها عن أية انكشافات أو شبهات.
وأمام الصراعات الدولية عادة ما يكون من الصعب أن تقف دولة ما موقفا حياديا وعلى مسافة واحدة من الجميع، لكن السلطنة استطاعت بجدارة أن تقف الموقف الصعب. كذلك لو تمعّنا لوجدنا أنّ هناك سياسة ثابتة لا تتزعزع ولا تتماهى مع أية حدث بحفاظها على النسق العام للسياسة المتزنة، ولو لاحظت لوجدت أنّ القائم المساعد للسلطان قابوس في إدارة السياسة الخارجية هو شخصية مثابرة وهادئة وتتسم بالصبر والاتزان؛ وهي شخصية يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية الذي كان الساعد الأيمن المخلص لجلالة السلطان الراحل- رحمه الله.
السياستان الداخلية والخارجية للسلطان قابوس لا يتسع مقال لإبرازهما، بل تحتاجان لكتب وأبحاث، لكنّي في هذه السطور القليلة، رغبتُ في إلقاء الضوء بعجالة، ولي إن شاء الله عودة في قادم الأيام.