ماضون على العَهد

حاتم الطائي

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وإيمانًا بالمشيئة الإلهية، اعتصرتْ قلوبنا حزنًا وأسًى على وفاة جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- بعد مسيرة حافلة بالعطاء الوطني والإنجاز المشهود.. عقودٌ خمسة أرسى خلالها السلطان الراحل بنيان النهضة الشامخ، وأرسى دعائم دولة المؤسسات والقانون، لتكون دولة عُمان الحديثة التي نعيش اليوم في كنفها بعزَّة وأمان.. إنه لسلطانٌ حكيم وقائد فذ نهض بأمته، وضحى بعمره من أجل شعبه، وحرص كل الحرص على تشييد صرح تنموي سامق، وأسس نهضة مباركة انتشرت منجزاتها في شتى أنحاء البلاد، وكان أعظم ما بنى وأسس هو الإنسان العماني، غاية التنمية وهدفها.

وبكل سرور، استقبلنا تنصيبَ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- سلطانا لبلادنا، وحاكما علينا، نبايعه على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، ونعاهده بأن نكون جندا مخلصين لوطننا، أوفياء لقائدنا، ماضين على العهد، وبكل الولاء والعرفان، لكي نواصل بناء عمان المعاصرة، وأن نصل بها إلى مصاف الدول المتقدمة.

وخلال المرحلة المقبلة من مسيرة تطورها، فإنَّ عُماننا الحبيبة في أمسِّ الحاجة لتكاتف جهود أبنائها المخلصين، وتوحدهم خلف القيادة الجديدة، لكي يمضي الركب قدما نحو أهدافه المنشودة، وغاياته المحددة، وتطلعاته المأمولة.

لقد بعثت تأكيدات جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بالعديد من الرسائل للداخل والخارج؛ فأما ما يخص الشأن الداخلي فقد شدد جلالته -أيَّده الله- على الحفاظ على العهد والسير على خطى جلالة السلطان الراحل، لكي تصل عمان إلى مكانتها المرموقة التي أراد لها فقيد الأمة والعالم، وسهر على تحقيقها طيلة 50 عاما من الحكم الرشيد. وأما ما يتعلق بالشأن الخارجي، فقد أكد جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- على الالتزام بالثوابت التي اختطها السلطان قابوس -طيَّب الله ثراه- لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول، وعلى التعاون الدولي في مختلف المجالات.

... إنَّ المرحلة المقبلة من عُمر أمتنا العمانية، ينتظرها مستقبل مزدهر بإذن الله تعالى، تنيره شمس التكاتف والاتحاد بين أبناء الوطن، وتقوى عزيمته بالإيمان الراسخ بأن القيادة الجديدة ستواصل العطاء السلطاني الفيَّاض بالخير العميم على عمان وشعبها.