"بريكست".. ظلال قاتمة تلوح في أفق الاقتصاد البريطاني

ترجمة- رنا عبدالحكيم

نشرت صحيفة جارديان البريطانية استعراضا موسعا حول التوقعات الاقتصادية لبريطانيا، حسب تقرير أعده عضوان سابقان بلجنة تحديد أسعار الفائدة لبنك إنجلترا المركزي.

وتساءل التقرير عن كيفية تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني، مشيرا إلى أن الاقتصاد البريطاني يواجه أضعف نمو خارج الركود منذ الحرب العالمية الثانية.

وبحسب آندرو سنتانس كبير المستشارين لجامعة كامبريدج الاقتصادية وعضو لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا من عام 2006 إلى 2011، فإن من الضروري في ظل تعيين حكومة جديدة أن يتم تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، ويجب أن تكون هذه بداية جديدة لاقتصاد المملكة المتحدة. لكنه يرى أن الأجواء القاتمة تخيم على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مؤثرة على الأداء الاقتصادي وآفاقه.

وفي أحدث تقييم له، يتوقع بنك إنجلترا المركزي نموًا بنسبة 0.1% في الربع الأخير من هذا العام، وهذا يعني أن الاقتصاد البريطاني لم ينمو على الإطلاق منذ الربع الأول من العام. ومن المحتمل أن يتحول عام 2019 إلى أضعف عام من النمو الاقتصادي منذ الأزمة المالية.

هذا ليس فقط بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فقد تباطأ الاقتصاد العالمي وتأثر شركاؤنا التجاريون الرئيسيون في أوروبا وخاصة ألمانيا بهذا التباطؤ العالمي. لكن حالة عدم اليقين التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم تختف، حتى لو تم تقليل عدم الاستقرار السياسي الأوسع بانتخاب حكومة محافظة ذات أغلبية.

وسيتم تمرير اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي عبر البرلمان، لكن العنصر الجديد الذي يضيف إلى حالة عدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو ما يحدث في نهاية عام 2020 عندما تنتهي الفترة الانتقالية. ومن غير المحتمل أن يتم وضع اتفاقية تجارية كاملة مع الاتحاد الأوروبي بحلول ذلك الوقت، لذلك قد يواجه الاقتصاد البريطاني حافة صخرية أخرى مع خطر سيناريو عدم التعامل.

ومن المحتمل أن نرى ميزانية توسعية في أوائل العام المقبل، مع زيادة الإنفاق وخفض الضرائب. وسوف يساعد ذلك على تعويض بعض التأثيرات السلبية الحالية على الاقتصاد البريطاني، لكن ليس بشكل مطلق. فالنمو الاقتصادي بنسبة 1 إلى 1.5% في عام 2020 يعد أفضل ما يمكن توقعه.

ومن المرجح أن يرأس أندرو بيلي المحافظ الجديد، البنك والبلاد تمر بأشد فترات النمو الاقتصادي الهزيل للغاية منذ عشرينات القرن الماضي. ويعكس هذا بشكل أساسي العوامل الهيكلية الأساسية، بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن أيضًا بطء نمو الإنتاجية الأساسية وحقيقة أن هناك القليل من الركود في سوق العمل. ففي هذه الظروف، ينبغي أن تكون التعاطي الصحيح مع السياسة النقدية عبر رفع أسعار الفائدة تدريجياً. وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان الرئيس الجديد للجنة السياسة النقدية، الذي لم يشارك في اللجنة من قبل، يحاول توجيه الدفة نحو مسار مختلف ليبتعد عن خفض الأسعار ويتخلي عن آلية عمل مارك كارني الرئيس السابق للبنك.

من جهته، قال ديفيد بلانشفلاور أستاذ الاقتصاد في كلية دارتموث بالولايات المتحدة الأمريكية وعضو لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا المركزي في الفترة 2006-2009، إنه لا تزال هناك عدة سنوات من المفاوضات، مع الكثير من عدم اليقين المستمر. وسوف تجد الشركات الأجنبية وحتى بعض الشركات البريطانية أنه أكثر جاذبية لسنوات عديدة لأخذ أي أموال استثمارية لديهم إلى ألمانيا أو هولندا أو الدنمارك أو السويد، والتي تبدو جميعها ملاذات آمنة أكثر من المملكة المتحدة. وستواصل الشركات الاحتفاظ بها كضمان ضد أي تعطيل محتمل من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولا شيء من مثل هذه الإجراءات يمثل أمرا جيدا للنمو في المملكة المتحدة.

وأضاف: "لا نزال نفتقد لأي فكرة عن الصفقات التجارية التي سيتم إبرامها، وما الذي سيحدث في أيرلندا وما إذا كان من الممكن العودة إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، نظرًا لأن الولايات المتحدة أغلقت محكمة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية عن طريق منع تعيين قضاة جدد".

وكعضو في الاتحاد الأوروبي، يمكن تسوية النزاعات بين الشركات عن طريق الشركات نفسها التي تذهب إلى المحاكم الأوروبية. لكن وفق منظمة التجارة العالمية، فإن النظام غير عملي؛ حيث يتيح للبلدان أن تقاضي بعضها البعض. وعدم وجود أي نظام لتسوية المنازعات الآن سيجعل التفاوض على الصفقات التجارية أكثر تعقيدًا ويستغرق وقتًا طويلاً. وهذه أخبار سيئة لأي شخص أحمق بما يكفي للدفاع عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وارتفع الجنيه الإسترليني وأسواق المال على خلفية انتصار حزب المحافظين في انتخابات بريطانيا، وخاصة بين البنوك وبناة المنازل وشركات المرافق العامة. وقد عزز ذلك الأنباء بشأن التوصل إلى اتفاق محتمل في المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

الأخبار الجيدة في الأسواق ليست بالضرورة جيدة للأشخاص العاديين، مع استمرار تباطؤ الاقتصاد البريطاني.

ويتعين على رئيس الوزراء بوريس جونسون أن يحقق زيادة كبيرة في الإنفاق على البنية التحتية التي وعد بها، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى يحدث، وبحلول ذلك الوقت سيكون الأمر متأخرا جدا.

تعليق عبر الفيس بوك