الرياض.. قمة المصالحة والوئام

حمود بن علي الطوقي

 

منذ سنوات وأنا أتابع انعقاد القمم الخليجية التي تعقد مناوبة في كل عاصمة خليجية، أغيب هذه السنة عن تغطية أعمال القمة لتواجدي في الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في حفل تخرج ابنتي واحة التي ستنال شهادة جامعية في تخصص العلاقات الدولية، ويحدوها الأمل مع أشقائها وشقيقاتها من أبناء دول المجلس أن يتخرجوا ويساهموا في عملية البناء والتعمير كجيل نشأ تحت كنف من المحبة والوئام.

هذه القمة الخليجية الأربعين تعطي مؤشرًا قوياً على أنَّ اللُحمة الخليجية ستظل متماسكة على الرغم من الخلافات التي أصابت الجسد الخليجي وأدت إلى مقاطعة ثلاث دول خليجية لدولة قطر، قبل ثلاث سنوات.

وأنا أتابع عبر شاشات التلفاز أعمال انطلاق هذه القمة التي تعقد في الرياض بيضافة جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين أجزم بأنَّ هذه القمة ستكون قمة المصالحة وعودة الأشقاء إلى عهدهم السابق ماضين بقطار المجلس إلى بر الأمان.

أجزم كمتابع للشأن الخليجي بأن هناك انفراجاً قادماً وتنازلات وعودة المياه إلى مجاريها أن تعقد القمة الأربعين لتكون ناجحة وتعيد البوصلة الخليجية كما كانت في عهدها السابق عندما كانت الأصوات تشدوا بحماس "خليجنا واحد" و"شعبنا واحد".

بذلت العديد من الجهود على مدار فترة المقاطعة ولا شك أن كل من سلطنة عُمان ودولة الكويت كانتا تقفان وتهيآن الأمور لأجل هذا اليوم، وخير دليل على ذلك مشاركة الدول الثلاث في بطولة كأس مجلس التعاون التاسع والأربعين الذي اختتمت في العاصمة الدوحة وتوجت مملكة  البحرين الشقيقة بهذا الكأس الخليجي الغالي.

خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد في الجلسة الافتتاحية للقمة الخليجية، أن مجلس التعاون "تمكن منذ تأسيسه من تجاوز الأزمات التي مرَّت بها المنطقة وهذا مؤشر على أنَّ هذه القمة ستكون مصدر عودة قريبة للعلاقات بين الأشقاء في دول المجلس، خاصة وأنَّ التكتل الخليجي ودول المجلس أصبح محط أنظار العالم نظرا لما تتمتع به من مكانة دولية وثروات طبيعية وبشرية.

أقول وأنا كمواطن خليجي اتطلع كغيري من أبناء هذه المنطقة لأن نرى أعمال القمة وقد حققت النجاح المنشود لنغلق أمام المارقين والحساد والناشرين للفوضى والداعين لعدم استقرار منطقتنا، التحدي سيكون هو التمسك باللحمة الخليجية وهذا التمسك سيُربك الغير فكما خطط من قبل الغرب لإطلاق الفتنة وتعزز ذلك بنجاح رؤية كونداليزا بإطلاق مشروع الفوضى الخلاقة التي عصفت بالدول العربية وانتشر مشروع الربيع العربي ولم نجنِ من هذا الربيع سوى الدمار والخراب.

الدول العظمى ستجني من تفككنا النجاح ويجب علينا أن نعي أن مصلحتنا المحافظة على هذا الكيان الذي جاء بقرار سُطِّر بماء من ذهب عندما قرر زعماء دول مجلس التعاون انعقاد أولى قممهم في أبوظبي عام 1981. على مدارهذه السنوات أقيمت العديد من التحالفات العربية ولكنها فشلت وظل التماسك الخليجي الأفضل بكل المقاييس فقد استطاعت دول المجلس أن تحقق العديد من المنجزات على مختلف المستويات وظل الإنسان الخليجي هو هدف التنمية، لهذا يجب أن ينظر إلى قمة الرياض اليوم بأنها الربان الذي سيقود السفينة إلى بر الأمان، من الرياض عاصمة الحزم  يجب أن تتوافق الرؤى وحتى إذا كانت هناك خلافات يجب أن تُؤجل وتُرحل لتُحل بشكل تدريجي وحتمًا ستتوافق الرؤى وتتشابك الأيادي لكي تمضي السفينة الخليجية بحماس حاملة علامة الوحدة الخليجية  التي هي نبراس لكل مواطن خليجي.

تحديات كبيرة للم الشمل الخليجي ولكن هناك بوارق أمل لكي يتجاوز الأشقاء ويتَّحدون من أجل غد مشرق أفضل.

سلطنة عمان كانت ولا تزال تدعم كل ما هو مهم ومفيد من أجل الوحدة الخليجية ومواقف السلطنة واضحة ومعلنة ومشاركة السلطنة اليوم في أعمال القمة سوف تدعم الرؤية التي من أجلها أنشئ التكل الخليجي لذا نتطلع أن تشهد مناقشات القمة ما فيه مصلحة الشعوب الخليجية وكلنا على وفاق لتبقى المنظومة شامخة من أجل المواطن الخليجي الذي ارتبط بهذه المنظومة ارتباطًا وثيقاً كتعلق الطفل بالحبل السري.

النشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي أشعلوا تويتر بوسوم عن القمة الخليجية وكانت الوسوم كلها مشجعة رغم مداخلات بعض الأسماء النكرة التي تحاول أن تعكر الصفو من حماس النشطاء من مختلف دول المجلس وتماشياً مع هذه الوسوم أطلقت وساماً نال استحسان العديد من المتابعين وقلت في تغريدة: "ويش رأيكم كشعوب ومواطني دول المجلس ونحن نستقبل تباشير القمة الخليجية بالرياض نساهم في نشر المحبة  والإيجابية ونبتعد عن السلبيات وندعو إلى ما يُقربنا هذه دعوة من عُمان لنفعّل هذا الوسم #القمة_الخليجية_بالرياض #قمة_المحبة_والتآلف.

من أعماق قلب كل مواطن خليجي دعواتنا الصادقة أن تحقق هذه القمة النجاح وتعود الخليج كما كانت ويعود المواطن الخليجي محبًا لأخيه ويقابله بالعناق.